Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    19-Apr-2018

المملكة السعودية التي تتغير... وأردننا الذي نحب - رومان حداد

 الراي - شاءت لي الأقدار أن أزور المملكة العربية السعودية زيارة عمل قصيرة، وأن أكون على احتكاك مباشر مع معالم التغيير التي بدأت تأخذ مساراتها في المملكة العربية السعودية، هذا التغيير الذي يرتكز نظرياً لرؤية 2030 التي أطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ومحركاتها شباب تواق لإحداث النقلة الضرورية وصنع التغيير.

ربما لا أستطيع المقارنة بين اليوم والأمس في السعودية، ولكن من الأحاديث الكثيرة مع الشباب السعودي تبدو القناعة راسخة لدى معظم الجيل الجديد أن التغيير بات ضرورة، وأنهم كجيل شاب يقع على عاتقه الكثير لإحداث التغيير المطلوب.
يبدو أن هناك انتقالا ملحوظا في العقلية السعودية الشابة التي ترى أنها صارت مضطرة للاندماج بالعمل، ومن هنا تأتي سعودة الوظائف كتعامل ضروري لمواجهة متطلبات الشباب السعودي، وفي ذات الوقت تأتي كمحفز للشباب كي يدخلوا سوق العمل في مختلف المجالات، وتحديداً في القطاع الخاص عبر الأعمال الصغيرة والمتوسطة، وذلك يعني أن هؤلاء الشباب تحولوا من عبء وظيفي على الدولة إلى عامل منتج ويبدو أن التغيير الأكبر هو التغيير الاجتماعي عبر بوابة الاقتصاد، هو ما يمكن ملاحظته من خلال وجود الفتيات السعوديات في سوق العمل، بصورة أكبر بكثير مقارنة مع المراحل السابقة، وفق من قابلتهم من الشباب السعودي، وهو ما سيؤدي إلى تغيير التظرة للمرأة السعودية ودورها في المجتمع والأسرة.
ورغم هذا الجانب المضيء من قصة التغيير في المملكة السعودية، إلا أن هناك تحديات حقيقية تواجه هذا التغيير، فمن يرون نفسهم ضحية التغيير، غير المبرر برأيهم، يشكلون قوى شد عكسي حقيقية داخل المؤسسات وداخل المجتمع، وهم ممن تجاوزوا الخمسينيات، ولا يملكون القناعة الكافية بإحداث التغيير، كما لا يملكون القدرة على مواكبة سرعة التغيير، ويشعرون بحالة من النكران يواجهونها يومياً.
فهم يشعرون بنظرات الشباب المتحمس نحوهم بأنهم أصبحوا خارج معادلة التغيير، أو أنهم هم
المقصودون تحديداً حين يرد مصطلح التغيير اينما وقع بأية جملة، في حين يرون أنفسهم وقد قدموا ربيع عمرهم لخدمة دولتهم بالصورة التي كانت مطلوبة منهم، وفق رؤية الدولة حينها، ولا يجوز اليوم تحميلهم عيوب وأخطاء مراحل سابقة.
الصراع المتقد تحت الرماد هو بين جيل شاب يرى أن رؤية 2030 انتصرت له وساعة التغيير حانت، ولا عودة لعقارب الزمن، وآخرون لا يدركون جدوى التغيير العاصف الذي يهدد وجودهم ودورهم وتأثيرهم المجتمعي.
ما يتم اليوم، وبإرادة عليا، هو انتصار للتغيير من خلال إحلال الشباب محل من تجاوزت أعمارهم الخمسين في إدارات الدولة المختلفة، كمحاولة جادة لتجديد الدماء، وإعطاء رسالة للشباب أنهم من سيستفيد من التغيير، وبالتالي يجب عليهم أن يصطفوا بوضوح من ثورة التغيير وأن يكونوا جنود هذه المعركة، يقاتلون فيها بقوة وعن قناعة.
ولكن التحدي الأكبر هو مدى قدرة سد فجوة الخبرات التي تغادر مكانها لمصلحة الشباب المتحفز، والذي قد كون أكثر علماً ومعرفة ولكنه بالتأكيد أقل خبرة وحكمة، هو تحدٍ لا يمكن الاستخفاف به، فبجانب التمكين والتأهيل لا بد من خبرات لدى من يقودون هذه الثورة، وهنا يبقى السؤال معلقاً هل يمكن لعملية حرق المراحل أن تنجح في دولة ضخمة كالسعودية على المستويات الاقتصصادية والاجتماعية؟
لا أملك جواباً يقينياً، آمل أن يحدث التغيير دون خسائر كبرى، وآمل أن أرى الشباب السعودي والمرأة
السعودية قد أخذا مكانيهما الفاعلين في عملية تحديث الدولة وثورة التغيير.
ولكن ما كان يحضرني في السعودية كلما كنت أراقب ثورة التغيير وتحديث الدولة هو الحالة الأردنية، ربما بسبب البعد الجغرافي كان يمكنني النظر ببعض الحنين إلى أنفسنا بالمرآة وأرى صورتنا كما لم أرها من قبل، فنحن دولة ومجتمع قطعنا شوطاً بعيداً في عملية تحديث الدولة والتغيير، والديمقراطية والحريات المختلفة بكلف قليلة ورغم شح الموارد والإمكانيات، واستطاع جلالة الملك عبداالله الثاني أن يقفز بالأردن قفزة كبيرة، ولكننا من كثر ما نجلد ذاتنا لم نشعر يوماً بحجم الإنجاز، فلم نستطع أن نراكم عليه.
هل على الأردني أن يخرج خارج حدود الوطن كي يلسعه الحنين ويشعر بما يفقده حين يغادر الوطن وكي يرى الأردن بحجمه الحقيقي عملاقاً من صنع يديه، ويعترف لنفسه وشفته ترجف أنه يحب وطنه الأردن، وحين يُسأل عن جنسيته يعلو صوته ليُسمع الجميع أنا أردني؟