Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    01-Oct-2017

من الذي يدفع بقانون الجرائم الالكترونية ؟! - فيصل ملكاوي
 
الراي - ان كان هناك معترضون ومحتجون وهم بالتاكيد موجودون وسيتم سماع صوتهم على مشروع قانون الجرائم الالكترونية الذي اعدت الحكومة مسودته الاولى ووضعه رئيس ديوان التشريع والراي الدكتور نوفان العجارمة على الموقع الالكتروني للديوان للنقاش فانني على قناعة تامة ان جزءا كبيرا من هذا الاحتجاج يجب ان يوجه الى الموجة السوداء التي سادت وتصاعدت خلال السنتين الاخيرتين على وجه الخصوص بالتحريض على خطاب الكراهية والاساءة والمعارك والسجالات التي تستخدم فيها كافة انواع الذخيرة الحية من الشتم والسباب والاسفاف واغتيال الشخصية واغتيال لغة الحوار والمنطق واستبدالها بالانغلاق وعلى قاعدة ان لم تكن معي فانت ضدي وانت متهم بكل انواع الاتهامية التي وصلت في كثير من الاحيان والاحوال الى التخوين والاتهامية بلا وجه حق او اي مبررات.
 
هذا كله ليس اختلاقا او من وحي الخيال او الترويج لقانون الجرائم الالكترونية ، الذي بالتاكيد يغطي جوانب كثيرة يجب تغطيتها لمواكبة تطورات الثورة الالكترونية وتداخلها مع كثير من مناحي الحياة وليس فقط ما يجري على الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي ، ولا يوجد لها اسس قانونية لمعالجتها وتنظيمها خصوصا انها ليست ذي صلة محلية فقط بل على ارتباط وثيق في التعاملات مع المحيط الخارجي في التجارة والتعليم والصحة وكافة مناحي الحياة ، في حين هناك من يصر على
 
استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لغاية واحدة فقط وهي الاساءة والتجريح ومحاولة هدم بنيان المجتمع والمس بقيمه وهدرها.
 
الكثير من ضحايا الاساءة لما يجري على مواقع التواصل الاجتماعي « اكلوها بجلدهم « كما يقال في العامية الدارجة ، وتم اغتيال شخصياتهم والاساءة لسمعتهم دون ان يكون بيدهم اي حيلة او مسوغ قانوني لمواجهة ذلك او اخذ حقهم الذي هدر واستبيح على مواقع التواصل الاجتماعي ، كما ان تسميم الاجواء العامة جرى بوتيرة محمومة هي الانفلات بعينه ، وكانت الذريعة الواهية التي لا تمت الى الحقيقة بصلة ان هذه هي اجواء الحرية والتعبير بل هي ليست كذلك ابدا فاجواء الحرية والتعبير لها قيم ومسؤوليات يهب الجميع للدفاع عنها اذا ما حاول احد المس بها او الاقتراب منها فهي قيم عالمية يصطف الجميع في دول العالم التي تؤمن بها للدفاع عنها سواء على المستوى الفردي او الجماعي. وحتى الحكومة في بلدنا العزيز ، بعد طول اناة وصبر ، وحتى تأخير ، فاض بها الصبر وكان يجب ان يفيض منذ وقت اطول على ما كان يجري وما زال من انتهاكات فاضحة تجري على مواقع التواصل الاجتماعي ، التي استغلها محترفو الاساءة واغتيال الشخصية والنخر واصحاب معاول الهدم في غير غايتها بالمطلق ، باطلاق وابل الاساءة في كل اتجاه ، وترك ضحاياهم يعانون نظرات الازدراء والتشويه ، بل واثارة الفتن التي تؤدي الى ارتكاب الجرائم والتي لدينا امثلة وقعت جراء اشاعة اجواء الاحتقان والغضب والسوداوية بغير اي وجه حق.
 
هذا هو الجانب المعتم لما يجري والذي يستوجب العلاج الان وليس غدا ، وحتى لا يقال ان هذه الصفحة لها وجه واحد ، فان الاستخدام الرائع والامثل لمواقع التواصل الاجتماعي في مختلف مناحي الحياة موجود ايضا ، فالاردنيون من اكثر شعوب العالم التصاقا بشبكة النت وتداولا لادواتها ، وهذه صفة حضارية لشعب حي ، كان وما زال وسيبقى دائم التعبير عن رايه في كافة القضايا المحلية وفي الاقليم وحتى على مستوى العالم ، وسخر شبكة النت قليلة الكلفة وواسعة الانتشار والوصول بذات اللحظة لخدمة حياته والتواصل مع العالم الذي لم يعد فقط قرية صغيرة بل بات غرفة صغيرة تستطيع من خلالها الوصول الى اي بقعة في العالم قبل ان تسمع صوتك الى من هو بجانبك او في الغرفة المجاورة في بيتك او مكتبك.
 
ليس مسموحا او مطلوبا حظر حرية التعبير ، فتجربة الاردن في الاصلاح والديمقراطية كنز ووصفة ذاتية محط اعجاب العالم ومن حولنا ، ولن يتم التفريط بها ، واثبتت الاحداث والمراحل صدقية هذه الوصفة في ظل الظروف الصعبة ، وانها طوق نجاة وخيار استراتيجي لا عودة عنه ،
 
ومن حق كل اردني واردنية ان ينعم بها وبفوائدها ،وان يرى في الافق ثمار الاصلاح ، ولا احد يحظر او يمنع اجراء مثل هذا الحوار الحيوي البناء على اي نوافذ شرعية ومستنيرة ومنا مواقع التواصل الاجتماعي ، وهو الامر الذي يقوم به الكثير من رواد هذه المواقع لكن صوتهم يضيع ويخفت امام اصوات الاسفاف والتهويش والاساءة والاتهامية التي تطالهم حتى ان الكثير اغلق حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي امام هذه الظواهر المنفلتة بلا رادع ولا وازع اخلاقي او قانوني.
 
ان كانت الحكومة قررت اخيرا وضع قانون او اجراءات لوقت ظواهر الاسفاف واغتيال الشخصية والتهم المعلبة ، فان واجبها ان تركز في المعالجة على هذه المظاهر حصرا وان لا تقترب من اجواء الحريات والانفتاح باي شكل ، فالذي دفع بمثل هذه القوانين هم اصحاب الانفلات ودعاته ومحترفو الاساءة فليدفعوا ثمن ذلك « بالصاع الوافي «.
 
اعلم علم اليقين ان هذه السطور ستثير على كاتبها وعلى «الرأي» وابلا من الاتهامية وعداء الحريات بلا وجه حق ممن يريدون مواصلة مسيرة التضحية بالحقيقة ، فليكن
 
ف «الساكت عن الحق شيطان اخرس «.