Tuesday 16th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    24-Aug-2016

اختبار النوايا في "الحسكة" - أشرف ريحان
 
الغد- ليست هذه المرة الأولى التي يشتبك فيها الأكراد، ممثلين بـ"قوات حماية الشعب الكردي"، مع مليشيات الدفاع الوطني في الحسكة؛ فلطالما كانت هناك اعتقالات ومناوشات بين الطرفين، تحديدا في الجهة الجنوبية من المدينة التي تمثل نقطة التقاء مهمة بين الطرفين. وفي كل مرة خرج فيها الوضع عن السيطرة، كان الطرفان يهرعان إلى تطويق الوضع خوفا من تطور الأمور إلى حرب ذات صبغة عرقية.
الجديد في الحسكة اليوم ليس قتال طرفي السيطرة في المدينة، وليس كذلك سبب هذا المناوشات؛ إذ اتهم محافظ الحسكة محمد زعال العلي الأكراد بافتعالها، عن طريق قطع طريق الحسكة-القامشلي ومحاصرة قوات النظام ومنع وصول الإمدادات إليهم. بل أزعم أن الجديد يتمثل في الرد "العنيف" الذي بادر إليه النظام للمرة الأولى منذ اندلاع الثورة السورية، حيث استخدم طائرات سلاح جوه لضرب الأكراد في المدينة.
لا شك أن للزمن وتفاعلاته الدور الأكبر في الإقدام على هذه الخطوة الحرجة؛ إذ يعلم النظام عدم مقدرته على فتح باب الصراع مع الأكراد، خصوصا في الحسكة التي يسيطرون على ثلثيها تقريبا، فلماذا أقدم الأسد، إذن، على هذا الفعل؟ وإلى اي مدى ستؤثر ضرباته في خريطة النزاع السوري؟
لعل العامل الأبرز الذي يفسر تحركات الأسد الأخيرة في الحسكة، هو التقارب الحاصل حديثا بين الأتراك والروس والإيرانيين. إذ التقط النظام السوري الإشارات الواردة من العواصم الثلاث، والتي تؤكد على وحدة سورية وتعترض على حلم الكيان الكردي المستقل. ولربما يأتي هذا التصعيد حيال الأكراد لتقريب أنقره، وإقناعها بجدوى التفاهمات مع الروس، مع ضرورة تخفيف حدة الأولى تجاه بقاء نظام الأسد. وهذا ما حدث فعلا من قبل الأتراك، إذ صرح رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أن دمشق بدأت تدرك خطر الأكراد، مؤكدا أن بلاده ستضطلع بدور أكثر فعالية في التعامل مع الأزمة السورية حتى لا تنقسم البلاد. ناهيك عن تصريح آخر يتحدث فيه عن إمكانية بقاء الأسد في المرحلة الانتقالية، وأنه أحد الفاعلين في الأزمة السورية.
وفي تكملة سرد أثر التوقيت على التطورات الأخيرة، يجدر بنا الحديث عن الزيارة المقبلة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى طهران التي تشارك "السلطان" تخوفه من أثر قيام دولة كردية على حدود البلدين، وقلقهما حيال الدعم الأميركي المتنامي للأكراد في الشمال السوري.
على الأرض، تبدي الولايات المتحدة اهتماما ورعاية خاصين لـ"قوات سورية الديمقراطية" في أماكن تواجدها. وفي سياق ما حدث في الحسكة، هددت واشنطن نظام الأسد بإسقاط طائراته إذا ما تجدد قصف الأكراد. إلا أن الأول تجاهل التحذيرات ووجه ضربة أخرى لـ"الأسايش" من دون رد فعل يذكر من الأمركيين. فهل لهذا دلالة على استراتيجية إدارة الرئيس باراك أوباما المتبعة مع الأكراد؛ باستغلالهم عسكريا للقضاء على تنظيم "داعش"، إنما من دون الذهاب معهم إلى تحقيق حلمهم بدولة "روج آفا"؟ أم أن هذا الحادث لا يعكس تنامي فكرة الكيان الكردي لدى دوائر صنع القرار في أميركا؟
ستحمل لنا الأيام المقبلة توضيحا أكبر لما يحدث سياسيا في المنطقة. وستكون زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، إلى انقره نقطة مهمة في ذلك، تضاف إليها بالتأكيد زيارة أردوغان إلى إيران. 
لننتظر قليلا ونشاهد إلى أين ستصل الأزمة السورية.