Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    17-Oct-2019

تحليل: ترامب، سورية، وخيانة الأكراد

 الغد-أدريان أونغ أو-جين – (أوراسيا ريفيو) 11/10/2019

ترجمة: علاء الدين أبو زينة
 
ما هي التداعيات السياسية والدبلوماسية لقرار الولايات المتحدة بسحب قواتها من شمال شرق سورية؟
يأتي هذا القرار وسط توتر العلاقات الأميركية التركية بسبب شكوك الرئيس رجب طيب أردوغان في وجود تواطؤ أميركي في محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة ضده في العام 2016؛ وبسبب مغازلته لفلاديمير بوتين وقرار تركيا شراء منظومة الدفاع الصاروخي الروسية S-400؛ وقرار الولايات المتحدة طرد تركيا من مشروع الطائرة المقاتلة الأميركية F-35 انتقاماً؛ والقتال ضد “داعش” في سورية.
 
* *
يوم الأحد 6 تشرين الأول (أكتوبر) 2019، أعلن البيت الأبيض بشكل مفاجئ أن الولايات المتحدة ستقوم بسحب قواتها من شمال شرق سورية لإفساح أمام الهجوم التركي الذي تم التهديد به منذ وقت طويل في المنطقة. ويجب النظر في قرار إدارة ترامب في سياق العلاقات المتوترة بين الولايات المتحدة وتركيا.
في حين أن هذا هو واقع الحال، فإن القرار يشكل أيضاً تهديداً للمصالح الاستراتيجية الأميركية في سورية، ويدعو إلى استنطاق آليات صنع السياسة داخل البيت الأبيض، ويوتّر علاقات الرئيس مع الحلفاء الجمهوريين في وقت حرج بالنسبة له، ويلقي ظلالاً من الشك على التزامات الولايات المتحدة وولائها لحلفائها.
سورية، الأكراد، والعلاقات الأميركية-التركية المتوترة
يأتي قرار سحب القوات الأميركية من شمال شرق سورية وسط توتر العلاقات الأميركية التركية بسبب شكوك الرئيس رجب طيب أردوغان في وجود تواطؤ أميركي في محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة ضده في العام 2016؛ وبسبب مغازلته لفلاديمير بوتين وقرار تركيا شراء منظومة الدفاع الصاروخي الروسية S-400؛ وقرار الولايات المتحدة طرد تركيا من مشروع الطائرة المقاتلة الأميركية F-35 انتقاماً؛ والقتال ضد “داعش” في سورية.
يشكل الحلفاء العسكريون الرئيسيون للولايات المتحدة في سورية، قوات سورية الديمقراطية، التي يقودها الأكراد لعنة بالنسبة لتركيا. وينظر أردوغان إلى قوات سورية الديمقراطية باعتبارها جماعة إرهابية كردية متحالفة مع حزب العمال الكردستاني) الذي يناضل منذ وقت طويل من أجل الاستقلال في تركيا. والآن، تسيطر قوات سورية الديمقراطية، التي كانت بمثابة رأس الحربة العسكرية للحملة التي تقودها الولايات المتحدة ضد “داعش”، على ربع مساحة سورية بعد ثماني سنوات من الحرب الأهلية.
وهو تطور تعتبره أنقرة بمثابة تهديد أمني وجودي. وتخشى تركيا من ظهور منطقة شبه مستقلة يسيطر عليها الأكراد على حدودها، والتي تحرض الروح الانفصالية بين سكانها الأكراد الحرونين.
وهكذا، ظلت تركيا تهدد منذ فترة طويلة بإقامة منطقة عازلة في شمال سورية وإعادة توطين اللاجئين لديها من الحرب الأهلية السورية في هذه المنطقة، وبالتالي تمييع الوجود الكردي بمزجه مع العرب السنة. وبالإضافة إلى ذلك، ربما حسب أردوغان أن القيام بعمل عسكري ضد الأكراد في سورية سيؤدي إلى تحفيز “تأثير التحشيد حول العلَم”، أو استنهاض المشاعر القومية للمساعدة في تخفيف الضغوط السياسية الداخلية عنه.
الانسحاب من سورية والتهديد لمصالح الولايات المتحدة
كان إعلان الأحد عن انسحاب القوات الأميركية في الأساس تكراراً لما حدث في كانون الأول (ديسمبر) الماضي. ففي ذلك الشهر من العام 2018، أعلن الرئيس الأميركي الانتصار على “داعش” وأعلن أنه سيقوم بسحب القوات الأميركية من سورية.
وكان ذلك تغييراً جذرياً ومفاجئاً في السياسة الأميركية، والذي هدد بتقويض الجهود التي بذلتها الولايات المتحدة للقضاء على “داعش” ولمصالحها الاستراتيجية -ليس في سورية فحسب، وإنما في الشرق الأوسط الأوسع، والذي دفع إلى استقالة وزير الدفاع الأميركي في ذلك الحين، جيم ماتيس، والمبعوث الأميركي الخاص لشؤون “داعش”، بريت ماكغورك. ولم تتغير البيئة الاستراتيجية الأساسية بشكل أساسي منذ ذلك الحين: “داعش” لم ينكسر، وروسيا وإيران تستمران في ضمان بقاء نظام الأسد.
في أعقاب القرار بالانسحاب، أطلق الرئيس الأميركي عاصفة حقيقية من التغريدات على “تويتر” لتبرير تصرفاته. وقال في إحدى التغريدات: “لقد حان الوقت لنتخلص من هذه الحروب السخيفة التي بلا نهاية، والكثير منها قبَلية، ونعيد جنودنا إلى الوطن. سوف نقاتل حيث يكون ذلك نافعاً لنا، وسنقاتل فقط لنفوز”. وفي تغريدة أخرى، تفاخر بأنه “تم انتخابي على أساس إخراجنا من هذه الحروب السخيفة التي لا تنتهي، حيث تعمل قواتنا العسكرية العظيمة كشرطة لصالح أشخاص لا يحبون الولايات المتحدة الأميركية”.
حلفاء ترامب الجمهوريون ينقلبون عليه
انضم الجمهوريون في الكابيتول هيل إلى الديمقراطيين في شراكة نادرة بين الحزبين في الولايات المتحدة لإدانة قرار ترامب بالتخلي عن الأكراد ووضعهم تحت رحمة الأتراك. ودعت رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، الرئيس ترامب إلى “إلغاء هذا القرار الخطير”، في حين حذر زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، ميتش مكونيل، من أن “انسحاباً متهوراً للقوات الأميركية من سورية لن يفيد سوى روسيا وإيران ونظام الأسد”.
وحث ماكونيل الرئيس على “ممارسة القيادة الأميركية”. وانتقد ميت رومني، الناقد المتكرر لترامب، “خيانة” أميركا للأكراد وحذر من كارثة إنسانية وشيكة.
وانتقد ليندسي غراهام، وهو أحد أقوى المدافعين المتحمسين عن ترامب، الرئيس على قراره “قصير النظر وغير المسؤول”، واتهمه بالكذب الصريح بشأن “داعش” وهدد باستصدار قرار من الشيوخ يدعمه الحزبان لفرض تغيير في السياسة. ووصف ماركو روبيو، وهو حليف آخر يعتمد عليه عادة لترامب، القرار بأنه “خطأ خطير ستكون له تداعيات تذهب أبعد من سورية”.
وكان راند بول، الميال إلى الانعزالية، هو الجمهوري الوحيد تقريباً الذي دعم قرار ترامب، وقال: “إنه يفي مرة أخرى بوعوده بوقف حروبنا التي لا تنتهي، ولديه أو سياسة خارجية أميركية حقيقية”. ويستفز قرار الرئيس الخاص بسورية جمهوريين كباراً في مجلس الشيوخ في نفس الوقت الذي سيحتاج فيه بشدة إلى دعمهم من أجل تجنب المساءلة الحتمية بقصد العزل من مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديمقراطيون.
خيانة الأكراد والولاء الأميركي
كان موقف أميركا المعلن هو أنها لا تؤيد ولا تدعم العملية العسكرية التركية. لكن هذا النأي بالنفس لا يُحدِث أي فرق في الحقيقة، ولن يجلب الكثير من السلوى للأكراد الذين عانوا من خسارة أكثر من 11.000 ضحية في قتال “داعش”.
كان ترامب خالياً من العاطفة إزاء محنة الأكراد، ورأى بشكل خاص مساهمتهم في الحرب ضد “داعش” من خلال عدسة المعاملات المصحلية البحتة، وقال: “لقد حارب الأكراد معنا، ولكن، دُفِعت لهم مقادير هائلة من المال والمعدات ليفعلوا ذلك”.
في حين أن قرار التخلي عن الأكراد قد يكون له ما يبرره في ضوء وفاء ترامب بوعد حملته الانتخابية أو كجزء من “صفقة” لإعادة ضبط العلاقات الأميركية-التركية، فإن المعظم ينظرون إليه ببساطة باعتباره خيانة لحليف للولايات المتحدة. وهو ما يدعو الأصدقاء والأعداء على حد سواء إلى الشك في قيمة التزام أميركا أو ولائها لحلفائها. وسوف يتردد صدى الأضرار المحتملة لسمعة أميركا أبعد كثيراً من سورية ومصير الأكراد.
*زميل بحث في برنامج الولايات المتحدة في كلية س. راجاراتنام للدراسات الدولية (RSIS)، جامعة نانيانغ التكنولوجية (NTU)، سنغافورة.
*نشر هذا التحليل تحت عنوان: Trump, Syria, And The Betrayal Of The Kurds – Analysis