Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Oct-2019

ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء*فريد سليم مصاروة

 الراي-محظوظ من لديه تأمين صحي ومن هو ميسور ويملك أثمان العلاج هذه الأيام، ويكون أكثر حظاً وتخطيطاً من يعرف أين يذهب عندما تحين ساعة المرض، وأقصد هنا لأي مستشفى يذهب وأي طبيب يختار، كما أن عمل خيارات مسبقة إعتماداً على خبرة سابقة أو على خبرة الآخرين في هذا المجال يساعد على إتخاذ قرارات الأختيار الصائب وهذا مهم في حياتنا الخاصة. والنظام الصحي الأردني لا ينظم لك خياراتك كمواطن كما تنظمه الأنظمة الصحية الأخرى مثل النظام الصحي البريطاني (NHS) الذي يحدد لك خط سير علاجك منذ الولادة وحتى الممات عندما يطلب منك ضرورة التسجيل لدى طبيب عام (General Practitioner) في مركز طبي قريب من منطقة سكناك.

 
وقد طلب مني بعض الأصدقاء أن أكتب حول ما تواجهه بعض الأسر في خياراتها الطارئة عندما يمرض أحد أفرادها فجأة بسبب أمراض الشيخوخة أو بسبب عملية جراحية يتبعها مضاعفة غير منظورة أو حادث عرضي يستدعي دخوله إلى المستشفى ويصبح في وضع ميؤوس منه من الناحية الطبية (Terminally -ill patient)، وقد تطول مدة مكوثه في المستشفى لعدة أسابيع أو أشهر وفي بعض الأحيان لسنوات، وهنا تتكركب كامل العائلة كما نقول وتبدأ الزيارات المكوكية لأفرادها من وإلى المستشفى. وفي المقابل يبدأ المستشفى والطبيب المعالج بإستنفاد كافة الوسائل والأجراءات والتداخلات وأستعمال أجهزة وأدوية جديدة وطلب إستشارات عديدة لأطباء آخرين في محاولات جادة لتغيير الوضع الراهن للمريض ولو بمستويات بسيطة أمام الأهل وهم يعرفون يقيناً أن المريض في وضع لا رجعة عنه إلا بمعجزة ربانية، وأن ما يتم هو محاولة لإطالة أمد المعاناة وتضخيم فاتورة العلاج. وإذا عرفنا أن معدل كلفة اليوم المرضي في غرفة العناية الحثيثة والمكثفة يتراوح بين مستشفى وآخر من 750 – 1500 دينار فإن فاتورة العلاج ستصل إلى مبالغ طائلة ومتزايدة كل مطلع صباح تفوق القدرة المالية للمريض، وهنا تكمن أخلاقيات الطبيب المعالج وإدارة المستشفى في التعامل مع مثل هذه الحالات التي يواجهها الكثير من العائلات في الأردن وتتحمل نتائجها المادية والمعنوية المرهقة والتي تتم بداعي الخروج من الحرج الاجتماعي أمام الناس حيث لا بد من إيجاد حل للخروج من هذا المأزق بسلوك طريق بإتجاهين:
 
الأول: يتطلب من بعض المستشفيات وبعض الأطباء التخلي عن الجشع وعن استغلال مثل هذه الحالات للإثراء من ورائها وإبلاغ الأهل بصراحة عن إمكانيات العلاج ومدى تحسن حالة المريض ووصوله إلى مرحلة ميؤوس منها وإستشارتهم حول إستمرار القيام بالأجراءات الطبية التي لا يمكن لها أن تعيد المريض إلى سابق وضعه بل فيها إطالة لأمد المعاناة ويمكنهم هنا الحصول على موافقة الأهل الخطية فيما يتعلق باستمرار استعمال الأجهزة المساندة وجهود الأنعاش غير المجدية بما في ذلك الصعق الكهربائي وإقتراح أخذ المريض إلى المنزل ووضعه تحت إشراف طبي منزلي يمكن أن يكون أحد الحلول مما يخفف من تكاليف العلاج.
 
الثاني: يعتمد على تفهم الأهل لطبيعة المرض وتغليب لغة العقل على العاطفة وإتخاذ القرار الصائب الذي يوقف معاناتهم المعنوية أولاً والمادية ثانياً وبهذا يكون الاثنان الطبيب المعالج والأهل قد سلكوا هذا الطريق ورحموا من في الأرض ليتلقوا رحمة السماء