Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Aug-2017

«ترحيل» رحيل الأسد.. - فيصل ملكاوي
 
الراي - اشارات عديدة ولافتة صدرت خلال الفترة الماضية عن واشنطن والعواصم الأوروبية تظهر تبدل المواقف بالنسبة لتوقيت خروج الاسد من المشهد السوري.
 
الواضح أن الولايات المتحدة والدول الاوروبية بدلت رؤيتها باتجاه التوقيت الذي يمكن ان يتم فيه خروج الاسد من المشهد السوري (بترحيل) رحيل الأسد لمرحلة متأخرة خلافا لموقف واشنطن وحلفائها الأوروبيين خلال السنوات الماضية الذي طالما دعا لرحيل الأسد فورا كشرط لحل الأزمة.
 
موقف الولايات المتحدة الاميركية والدول الاوروبية في هذه المرحلة بالنسبة لمصير الأسد يتبلور وفق رؤية تنقل هذه الخطوة الى مرحلة لاحقة وعلى اساس ان لا مكان له في مستقبل سوريا وهذا يعني ان الحل لا يبدأ برحيل النظام وراسه بل تتدرج العملية الى خطوات متعدده تفضي لنظام سياسي سوري جديد عبر عملية انتقالية وصياغة دستور واجراء انتخابات بحيث تكون محصلة كل هذه الخطوات سوريا الجديدة أيضا.
 
من المؤشرات المهمة التي تظهر تغير المواقف الدولية حيال التعاطي مع الأزمة السورية الغاء الولايات لبرنامج تدريب وتسليح المعارضة السورية رغم الشكوك حول فاعليته اساسا ، كما ان المعلومات تفيذ بان تركيا على وشك اتخاذ قرارات بتقليص المخصصات المالية الشهرية للمعارضة السورية بالاضافة الى الخلافات التي ظهرت الى السطح بين قيادات وتيارات المعارضة حيال التعامل مع تطورات الازمة السورية بناء على التطورات الدولية والإقليمية المتسارعة حيال الأزمة ما يربك هذه المعارضة كون التغيرات في المواقف تصدر من الحلفاء على الساحة الدولية.
 
كما أن بلدا كفرنسا كان يشكل رأس الحربة حيال الأزمة السورية ومواقفه صقورية إزاء النظام السوري هو بعهد الرئيس ماكرون ليس كما في عهد الرئيس السابق أولاند، فماكرون يريد خروج الأسد كمحصلة للحل السياسي وليس شرطا لانطلاقه.
 
صحيح أن هذا واقع جديد ومعقد لكنه بالتأكيد لا يعني نهاية المطاف إذ لا زال الإمساك بزمام المبادرة ممكن لدى القوى التي تريد سوريا جديدة فهناك مدخل قوي يمكن العودة إليه وتفعيله والمتمثل ببيان جنيف واحد الذي صدر في الثلاثين من حزيران 2012 وكذلك تفعيل القرار الدولي 2254 وهي المرجيعات التي توافق عليها المجتمع الدولي بما فيها روسيا–حامية الأسد–كما تحدد هذه المرجعيات خريطة الطريق الواضحة للحل السياسي في سوريا الذي يبدو ان له عودة خلال الاشهر المقبلة.
 
العودة إلى هذه المرجعيات ضروري تلافيا للقفز عنها لصالح صفقات قد تتم بين القطبين الفاعلين على الساحة (روسيا والولايات المتحدة ) تحت ذريعة أن هذا الطريق هو السبيل للحل بعد الفشل الصارخ للدبلوماسية العالمية للتعاطي مع ماساة الشعب السوري خلال سنوات الازمة الماضية.
 
رغم الخلاف الأميركي الروسي حيال عدد من الملفات الدولية والإقليمية الا ان اللقاء اليتيم الذي جمع (ترمب بوتين) خلال قمة العشرين الشهر الماضي قد أسس لمقاربة اميركية روسية بالنسبة للأزمة السورية، وهذه المقاربة تعتمد توكيل مصير النظام السوري لموسكو وحفظ المصالح الأميركية في سوريا واطلاق يدها في مكافحة الإرهاب يضاف إلى ذلك إقرار الرئيس دونالد ترامب بأن روسيا هي صاحبة اليد العليا في سوريا، كما يعتقد أيضا انه يمكن إقامة تعاون مثمر مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الأزمة السورية وربط الحل فيها مع قضايا اقليمية ودولية اخرى بما يهيء لصفقة كبرى تنهي طيفا من الأزمات إلاقليمية والدولية.
 
(الصفقات) هو الاسلوب الذي يحب الرئيس الاميركي اعتماده لحل الأزمات ومنها السورية وبقية الازمات السياسية والاقتصادية والعسكرية مع كافة الاطراف في العالم ووفقا لهذا الأسلوب فهو على سبيل المثال الذي توعد زعيم كوريا الشمالية بالويل والدمار ثم يقول ( يشرفني الجلوس معه).
 
جولتا جنيف 8 واستانا 6 الشهر المقبل على المسارين السياسي والعسكري ستكونان مختلفتين لاسيما في وقت يكون فيه قد اكتمل عقد مناطق خفض التصعيد الاربعة بما فيها منطقة ادلب في الشمال السوري.
 
مناطق خفض التصعيد ستكون مرتكزات أساسية لمقاربات الحل الجديدة للأزمة السورية، فهي صيغة متعددة الأوجه والأهداف لتصليب وقف اطلاق النار وتحويله الى حالة دائمة في سوريا، ومنصة يراد منها التهيئة التامة للانطلاق للحل السياسي.
 
راهن الأزمة السورية يبرز حجم تدخل كل من روسيا والولايات المتحدة على الارض هناك بما يقلل تدريجيا الاعتماد على الوكلاء، خصوصا وان دول الجوار ضمنت مصالحها السياسية والامنية الى حد بعيد بمناطق خفض التصعيد وربما في المستقبل حل مشكلة اللاجئين السوريين وعودتهم الى ديارهم عبر هذه المناطق.
 
كما ان معركة الرقة ستنتهي وفي وقت ليس ببعيد بطرد داعش الارهابي وهزيمته، وهو الامر الذي سيجعل كافة الاطراف المنخرطة في الازمة امام السؤال التالي ماذا بعد كل هذه التطورات ما يستدعي اجتراح حل للأزمة في ظل أنه لن يكون بوارد روسيا والولايات المتحدة البقاء في مركز أزمة حارقة في وقت باتت مصالحهم في سوريا متحققة ومضمونة.