Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    02-Feb-2020

صفقة القرن.. الفلسطينيون “هنود حمر”*نضال منصور

 الغد

“صفقة القرن” ليست سوى بضاعة إسرائيلية رديئة يريد الرئيس الاميركي دونالد ترامب تسويقها على انها خطة عظيمة للسلام ستنهي الصراع الممتد منذ عقود.
لم يبتعد صائب عريقات امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عن الصواب حين كشف للتلفزيون الروسي بالعربية ان الخطة الاميركية التي عرضها ترامب قدمها للفلسطينيين رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو ومستشاروه منذ العام 2011 ورفضت، ولهذا لم أتفاجأ حين عدت الى ما قاله الكاتب الإسرائيلي شاؤول ارئيلي في صحيفة هآرتس العام 2018 معلقا على التسريبات على صفقة القرن “الخطة مجرد حزمة افكار إسرائيلية أعدها نتنياهو وتم تقديمها بحلة اميركية”.
لا تستحق صفقة القرن سوى ان ترمى في سلة المهملات، فهي محاولة لنتنياهو المتهم بالفساد ليقدم نفسه على انه “المنقذ” للإسرائيليين قبيل الانتخابات، وبأنه سيحقق لهم ما لم يحلموا به على مر التاريخ، وكذا الامر للرئيس ترامب الذي يتلقى الضربات، ومهدد بالعزل فهو يخوض اعادة انتخابه رئيسا من البوابة الاسرائيلية، وكأنه ليس مرشحا لرئاسة البيت الابيض.
لا تواجه صفقة القرن رفضا على المستوى الشعبي العربي فقط، ولكنها لا تحظى بالتأييد في كثير من وسائل الاعلام في اميركا واوروبا، وحتى في اسرائيل يجد بعض الكتاب والصحفيين انها لا تضمن سلاما عادلا، ولا تنهي جذوة الصراع، بل تنذر بتفجيره لأنها تنهي احلام الفلسطينيين بالكرامة والاستقلال.
خطة السلام الاميركية التي عرضها ترامب تطلق “رصاصة الرحمة” على الامم المتحدة، وتنهي الحديث عن الشرعية الدولية، وباختصار تنكر وتتجاهل كل الاتفاقيات والقرارات الاممية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية.
المقرر الخاص بحالة حقوق الانسان في الارض الفلسطينية المحتلة مايكل لينك اعتبر ان خطة ترامب للسلام تقوض حق الفلسطينيين في تقرير المصير.
وقال بشكل حاسم “انها خطة غير متوازنة وتميل لصالح جانب واحد، واصفا الدولة الفلسطينية المقترحة بالخطة الاميركية (بوتيمكن Potemkin ) وتعني انها زائفة وتفتقر الى معظم سمات السيادة المعروفة للدول.
لينك أعلن انها ليست وصفة سلام عادل ودائم، ولكنها تؤيد انشاء محميات على غرار نظام الفصل العنصري السابق في جنوب افريقيا، مشيرا الى ان الدولة الفلسطينية المقترحة ستكون ارخبيلا متناثرا من اراض غير متجاورة تحيط بها اسرائيل من كل الجوانب وليس لها حدود خارجية، ولا تتمتع بمجال جوي، ولا تستطيع تشكيل جيش للدفاع عن نفسها.
صدق رئيس الوزراء الاسبق عبدالكريم الكباريتي في حديث نشره موقع الرأي اليوم في لندن بالقول “إن ما قدمته الادارة الاميركية يسمح للإسرائيلي بمعاملة الفلسطيني معاملة الهنود الحمر في اميركا عبر حشرهم في مستوطنات، واصفا صفقة القرن بأنها رشوة رخيصة للأردن”.
يرفض الأردن صفقة القرن ويعتبرها طعنة في الصميم لجهوده طوال عقود لإنهاء الاحتلال وإحلال سلام عادل، ويرى انها تشكل خطرا على مصالحه الوطنية، فالخطة الاميركية التي عرضت تتجاهل كليا قضية اللاجئين وتطالب بحلها خارج فلسطين، وهذا يطرح فكرة التوطين مجددا، وبذات الوقت تريد تغيير الجغرافيا بضم غور الأردن، وقطع الاتصال والحدود مع فلسطين، ولا تعترف بشكل صريح بالسيادة الفلسطينية على القدس وبالوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في نقض واضح لاتفاقية السلام.
الملك أكد للرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد اعلان الخطة الاميركية ان الأردن ثابت على موقفه حتى ينال الشعب الفلسطيني حقه في اقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وبذلك يدير الأردن ظهره لصفقة القرن، ويتقاطع مع الموقف الفلسطيني الذي لخصه أبو مازن “القدس ليست للبيع “.
مهما امتلكت اسرائيل من قوة غاشمة، ومهما نالت من الدعم غير المسبوق من الرئيس الاميركي فإنها لا تستطيع إجبار الفلسطينيين على التوقيع والقبول بصفقة مخزية جائرة، ويمكن للأردن ايضا ان يرفض التعامل مع الخطة وسيكون مصيرها الفشل مثل كثير من الاتفاقيات والمبادرات التي قدمت ولم تضمن حلا عادلا للقضية الفلسطينية فكان مصيرها مزبلة التاريخ.
الخاصرة الرخوة لفلسطين والأردن ان تخرج دول عربية بإعلان تأييدها للخطة الأميركية، وهذا يخلط الاوراق ولكنه لن يعطي تفويضا لأحد لبيع فلسطين.