الراي - في ظل تسارع الأحداث الشرق أوسطية والعالمية كذلك، وتواجد أكثر من لاعب سياسي إقليمي ودولي وسط قضايا العرب الساخنة وعلى رأسها الفلسطينية، وتدحرجات الربيع العربي وامتزاجه بالإرهاب الأسود المجرم، ومع تحرك رمال القوى المحلية والإقليمية والدولية، وتحولها لمدرستين أساسيتين كبيرتين غربية بقيادة أميركا، وشرقية بقيادة روسيا وحذرتين في مجال التعاون، وتحت ضجيج تعاون صيني، إيراني، تركي، وعربي مع روسيا لوجستياً وسياسياً واقتصادياً ومنه داخل مجلس الأمن والأمم المتحدة، واختلاف ملاحظ في المقابل مع أمريكا من قبل روسيا وبالعكس من طرف أميركا مع روسيا إعلامياً وسياسياً رغم لقاء فيتنام، وخلاف أميركي إيراني وتركي علني، وآخر مشابه سري مع الصين وبعض العرب الأثرياء، أسلط الأضواء هنا على عمق الحضور الروسي التكنولوجي المتسارع السلمي والعسكري وسط العرب وسوقه وتزاحمه مع غيره الأميركي وأبعد بهدف الإنصاف وعدم الانحياز لطرف على آخر، ولإعطاء كل دور سيو-استراتيجي واقتصادي حقه. فلقد اعتادت منطقتنا العربية وحتى الشرق أوسطية كذلك على أن تنقسم غرباً وشرقاً وعلى المستويات كافة لكن الجنوح الأكبر كان لصالح أميركا والغرب، ومع هذا وذاك فإن روسيا لم تستسلم لنشاطها وواصلت مسيرها مقدمة السياسة على العسكرة بعكس أمريكا التي وضعت عينها مبكراً على العسكرة أولاً بينما هي أوراقها السياسية في الغرف السوداء الممثلة (بالبنتاغون والايباك، والكونغرس)، ولقد قالها الرئيس فلاديمير بوتين مؤخراً بأنه لا توجد سياسة دائمة وبأن كل شيء متغير إثر تعليقه على ردود الفعل الإعلامية على التحول السعودي الاقتصادي العسكري المفاجئ تجاه موسكو هذا العام 2017 بينما هي جذوره الاقتصادية ماثلة في عمق الزمن المعاصر. فعلى صعيد السياسة تمسكت روسيا بأوراق مجلس الأمن والأمم المتحدة والمحكمة الدولية والقانون الدولي ومنه الإنساني وبالفيتو خياراً لوقف جماح التعنت الإسرائيلي ومشاريعه الاحتلالية خاصة عام 1967 ،وفي الشأن السوري تسع مرات منذ عام 2011 ليس لصالح النظام السوري في دمشق كما يشاع، ولكن دفاعاً عن موقفها في سوريا المنادي بفرض الحلول الديمقراطية عبر صناديق الاقتراع وإتاحة الفرصة لمرحلة انتقالية مناسبة من حيث الوقت والتوقيت والبديل المناسب. ونجحت روسيا في تحريك مؤتمرات جنيف والاستانا وخلّصت سوريا من ترسانتها الكيماوية العسكرية التي هددت أمنها أولاً والمنطقة ثانياً، وطورت عملها السياسي صوب أهمية توحيد صفوف المعارضة ونصحها لدخول حلبة الحوار بدلاً من حمل السلاح فكانت الدعوة لمؤتمر سوتشي الذي تأجل بسبب اتهامه مسبقاً بالشروع في إطالة نظام دمشق، وحققت نجاحات في موضوع مناطق خفض التصعيد ومطاردة الإرهاب بالتعاون مع أميركا والأردن.