Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    23-Jul-2017

عباس وحماس: مُزايدات ومُناقصات وكيّدِية - محمد خروب
 
الراي - إذا ما صحّت ادعاءات منسق أعمال حكومة الاحتلال الاسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة الجنرال يوآف مردخاي، بأن حكومته قد حصلت على تطمينات من قِبَل السلطة الفلسطينية بأن الاتصالات بينهما كما التنسيق الأمني والمدني مستمرة (ويبدو أنها صحيحة في ظل صورة الرسالة التي نشرتها وسائل اعلام اسرائيلية وخصوصاً فلسطينية، بعثها رئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية اي «المُنسِّق الفلسطيني» مع الطرف الاسرائيلي «الوزير» حسين الشيخ، والذي دعا فيها الادارة العامة للارتباط والتنسيق في المعابِر، كذلك «الاخوة» في الادارة العامة للمديريات والمكاتب اللوائية، بضرورة «الإلتزام» بما يصدر من تعليمات صادرة من مكتب الوزير «مباشرة» وليس كل ما يَصْدر او يشاع في وسائل الاعلام وخصوصاً تأكيده، على ان إعلان فخامة السيد الرئيس (ابو مازن) تجميد الاتصالات مع الجانب الاسرائيلي لا يشمل مديرياتكم، كما أن ذلك لا يشمل التنسيق الأمني)، فإننا بالفعل أمام قرارات اعلنها عباس في اجتماع طارئ ضم اللجنة التنفيذية لمنظمة فتح وقادة «الفصائل» ومركزية فتح، لا قيمة لها في الصراع الدائر الان، وعنوانه احباط اجراءات الاحتلال ضد المسجد الاقصى ومدينة القدس، وبالتالي لم يعد لتلك القرارات اي أهمية اللهم: إلاّ انها اندرجت في «بازار» السياسة والتنافس بين فتح وحماس، الأمر الذي يمكن وصفه بأنه محاولة لتحسين شروط التفاوض الاقليمي والبحث عن مكانة لقائد وكوادر هذه الحركة او تلك، بعدما عصفت التطورات الاقليمية الاخيرة وبخاصة في مسارها الفلسطيني، وبروز محاولات لتعويم حركة حماس شريطة تحالفها (او شيء من هذا القبيل) مع منافس عباس على «الزعامة» محمد دحلان، وما قيل عن نجاح نسبي لعباس في فَرمَلة الاتفاق او تأجيله بعد زيارته الاخيرة للقاهرة.
 
صحيح ان نبرة الكلمة التي القاها عباس في الاجتماع العرمري المذكور، والتي قوبلت بتصفيق من قبل الحضور (ما يدلّ على انهم كانوا مجرد مستمعين وليسوا اصحاب قرار او مُؤثِّرين) كانت – النبرة – عالية وحماسية، بدا عليه «الرئيس» الإنتشاء بعد التصفيق الذي حظي به من «القادة» ما دفعه للتهديد باصبع يده اليمنى، والمضي قُدماً في الحديث عن «الوحدة الوطنية التي هي عماد قوتنا» كما قال، في معرض دعوته حركة حماس من أجل الإرتقاء «فوق خلافاتنا وتغليب الشأن الوطني على الفصائلي» ما لبث ان عاد الى شروطه السابقة، ومطالبة حماس الاستجابة لنداء الأقصى بـِ«حل اللجان الادارية وتمكين حكومة الوفاق الوطني (...) من اداء مهامها، والذهاب الى انتخابات وطنية شاملة»، إلاّ انه صحيح أيضاً ان الرجل كشف (وربما لاول مرة) عن مخاوف شخصية، وإن كانت اندرجت في سياق شعاراتي تقليدي، وهو ان «منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا»، لكن ذلك جاء في سياق دعوة منه «للجنة التحضيرية للمجلس الوطني الفلسطيني، لـِ«الإسراع» باستكمال اجراءات من أجل عقد جلسة للمجلس (لحماية) منظمة التحرير الفلسطينية».
 
منظمة التحرير في خطر إذاً، هذا ما كشفته دعوة عباس، ما يعني ان فخامة الرئيس الذي عطّل عمل المنظمة واحالها الى الاستيداع وكانت اجتماعاتها على قلتها مجرد تزجية للوقت، غدت الان في دائرة الاستهداف ما استوجب إحياء الهياكل المعطّلة او الصدئة، او تلك التي لم يعد لها اهمية في نظره، إلاّ للدارسين والباحثين والمؤرخين، او كأداة للمناكفة او التصديق الاوتوماتيكي على قرارات لم تُستشَر بها، تحت طائلة النبذ او وقف الامتيازات والرواتب وحضور المهرجانات.
 
على المقلب الآخر فإن قيادة حماس تماماً كما قادة فتح، يريدون ركوب موجة نصرة الاقصى وايام الغضب والنفير الممتدة فلسطينياً ومقدسياً قبل قيام الاحتلال بنصب البوابات كاشفة المعادن، وقبل عملية القدس التي قام بها ثلاثة شبان من مدينة ام الفحم الفلسطينية، لهذا لم يكن مستغرباً خروج القيادي في الحركة د.محمود الزهار مباشرة بعد انتهاء كلمة عباس في الاجتماع «الطارئ»، ليصِف تلك الكلمة، بأنها «خطاب اللحظات الاخيرة، ومحاولة من عباس لركوب الموجة واللحاق بعربة القدس، بعد ان انطلقت وليس فيها له.. مَقْعَد».
 
كلام كيدي وانتقائي لا يخرج عن اطار خطابات المزايدة التي يبرع في تدبيجها قادة الحركتين، اللتين تعيشان ازمة بنيوية ووجودية عميقة، تتهدد مستقبلهما السياسي وتجبرهما على تقديم تنازلات سياسية – مُهينَة ومُكلِفة – فقط من أجل التشبث بالحكم (...) هذه في غزة وتلك في رام الله.
 
وإذ غمز الزهار من قناة عباس وشكّك في صدقية حديثه حول تجميد الاتصالات مع الاحتلال، معتبراً اياه «كلاماً» لا يملكه عباس شخصياً، كون اجهزته الأمنية منفتحة ليل نهار بالاتصالات مع الاحتلال؟، وهذه «أمور سرّية لا يراها أحد» وفق تصريحه، فإن مزايدات الزهّار وخروج كلامه عن اللياقة السياسية والأدبية عندما يقول: «انه لو كان عند ابو مازن رجولة سياسية، لكان أعلن قطع العلاقات واتخاذ اجراءات بـ«إلغاء اوسلو».. لكن عباس ــ يستطرد الزهارــ يُمارِس الحِيَل السياسية».
 
هنا والان.. لا يملك المرء سوى التساؤل عن معنى الرجولة السياسية في قاموس حركة حماس، التي تواصل بلا كلل كل انواع الحيل والكيد السياسي ولا تتورع عن الانتقال بين خندق الى آخر في سرعة (اقرأ انتهازية) لافتة، ودائماً عبر تبريرات وتفسيرات وقراءات مُتلعثِمة، تُخفي غياب المبدئية والقدرة الواضحة على التلون والمراوغة، دون اي احترام لعقول الفلسطينيين، او حرصاً على سلامة مشروعهم الوطني الذي تُتاجر به حركتا حماس... وفتح.
 
kharroub@jpf.com.jo