Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    04-Dec-2018

«السترات الصفراء» القـادم «أعظـم» !! - صالح القلاب

 الراي - هناك مثل عربي قديم يعود إلى فترة ما قبل الإسلام العظيم يقول:»أهل مكة أدرى بشعابها».. وحقيقة أن الفرنسيين وعلى رأسهم الرئيس إيمانويل ماكرون أدرى بمشاكلهم لكن ومع الأخذ بعين الإعتبار دائماً وأبداً أنَّ من يراقب عن بعد ويده ليست في النار وإنما في الماء ربما تكون رؤيته أكثر وضوحاً من رؤية الغارقين في هذه الأزمة الطاحنة حتى أعناقهم والذين يقصدون ألاّ يروا من هذا الذي شهدته فرنسا وشهدته باريس إلاّ هذه «السترات الصفراء» وأصحابها الذين يصفهم كبار المسؤولين الفرنسيين الذين ضمهم إجتماع «الإليزية» الأخير بأنهم مجموعات من المشاغبين ويقيناً أن هذا غير صحيح على الإطلاق!!.

كان مِثْلُ هذا الكلام قد قيل عن ثورة الطلاب الشهيرة في عام 1968 في البدايات لكن ثبت بعد ذلك أنها ليست حركة مشاغبين، على رأسهم طالب يهودي من أصل ألماني إسمه دانيال كوهين بنديت، وأنها ثورة فعلية شاركت فيها أحزاب فعلية تاريخية مثل الحزب الشيوعي الفرنسي والتروتسكيين والماويين وقوى اليسار بصورة عامة وهذا ما جعلها تسفر في النهاية وبالنتيجة عن تحولات إجتماعية وأيضاً سياسية بقيت تؤثر على فرنسا حتى الآن وأثرت على المجتمعات الغربية كلها ووصل تأثيرها حتى إلى الولايات المتحدة وإلى العديد من دول أميركا اللاتينية.
لقد كان أسوأ ما فعله أصحاب «السترات الصفراء» وما لم يفعله الطلبة الثائرون في عام 1968 هو مهاجمة قوس النصر الذي أراده نابليون بونابرت في عام 1808 تحفة فنية تخلِّد الإنتصارات التي حققها في العديد من المناطق والدول الأوروبية وكاد أن يحققها في روسيا القيصرية لولا أن بعض تقديراته وتقديرات بعض جنرالاته كانت خاطئة والمؤكد أن الذين هاجموا هذا الصرح الفني العظيم الذي غدا معلماً تاريخياً يزوره ملايين السياح سنوياً وأحدثوا فيه كل هذا التشويه هُمْ مجرد زمرٍ تخريبية لا علاقة لها بهؤلاء الذين رفعوا شعارات مطلبية فعلية وحقيقية.
وعليه وإذا بقيت حكومة ماكرون تتعامل مع هذا الذي جرى على أنه شغب شذاذ آفاق يرْتدون «سترات صفراء» وأنها لن تتراجع عن قراراتها الإقتصادية السابقة فإن القادم سوف يكون أعظم حقاًّ فتراكُم الأزمات التي باتت تعاني منها فرنسا ودول أوروبا ليس بمعظمها وإنما كلها سوف يتحول إلى برميل بارود كبير إن هو إنفجر أو تفجر إن لم يعالج وبسرعة فإنه سيتحول إلى زلزال مدمر هائل ستتواصل تفاعلاته السياسية والإقتصادية والإجتماعية لسنوات طويلة.
إن ما جرى خلال الأيام الأخيرة يدل على أنَّ هناك ليس أزمة واحدة وإنما أزمات متعددة  وكثيرة تعاني منها فرنسا والدول الأوروبية كلها وأن أصحاب «السترات الصفراء»،الذين رافقهم بعض الزعران والمشاغبين، وهؤلاء هم الذين إعتدوا على قوس النصر الذي هو تحفة تاريخية عالمية، ليسوا مجرد مأجورين لليمين الفرنسي المتطرف الذي تقوده حتى أوروبياً مارين لوبان بل أنهم يمثلون قطاعات شعبية واسعة باتت غير قادرة على تحمل هذه الأزمات الطاحنة التي غدت تعاني منها دولهم ومجتمعاتهم وأخطر الأزمات هي التي باتت تشكلها أرتال اللاجئين القادمين من الشرق الأوسط المعذب ومن أفريقيا والشرق البعيد الذي باتت معظم دوله تعاني من أزمات فعلية طاحنة.