Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    22-Mar-2017

التوجيهي و داعش وما بينهما* ماجدة المعايطة
عمون - 
قليلاً ما أحفل بالمشاركة في المناقشات والجدل على مواقع التواصل الاجتماعي. أمُرُّ عليها. أقرأها أحياناً من باب العِلم بالشيء. لكن نادراً ما توّفقت عند حوار حقيقي بين ذوي اختصاص، كونه غير موجود أصلاً على 'السوشل ميديا' بالعربي، خلافاً لما هو في بلدان أخرى كثيرة في العالم .
قبل أيام، وفيما أبحث في غوغل عن الخيارات التي يمكن أن تعتمدها وزارة التربية والتعليم، قريباً، لموضوع امتحان التوجيهي (باعتباره قضية وطنية مزمنة مستعصية)، لفت نظري حوار على 'السوشل ميديا' بين اثنين من ذوي الاختصاص التعليمي الواضح في المنطق واللغة وأسلوب التفكير والطرح الذي يستخدمانه في الحوار القوي شديد التهذيب.
أحدهما أكاديمي عراقي، والثاني اكاديمي مصري. موضوع الجدل بينهما هو مفارقات نظم التعليم في العالم، حيث أثريا النقاش بمعلومات عن نظم التعليم في اليابان والولايات المتحدة ومقارنتها بما هو حاصل في العالم العربي منذ عقود طويلة. توسعا أيضاً، كلّ من زاويته، في إيراد شواهد كيف أن دولاً عديدة في شرق آسيا وشمال أوروبا وأمريكا اللاتينية، اكتشفت أن كلمة السرّ في الانتقال من شريحة الدول المتخلفة أو الفاشلة الى شريحة الدول النامية ثم المتقدمة، انطلاقاً من تغيير نظم التعليم لديهم، وهي نفس الفكرة أو القناعة التي نسمعها أيضاً عندنا كل يوم... مع فارق أنهم هناك يدرسون ويقررون ثم ينفذون، بينما عندنا ندرس ونوصي ونراكم الملفات ونجددها كل بضع سنوات، أو مع كل وزير جديد.
أدهشني في حوار ذوي الاختصاص، أن كلاً منهما أعطى أمثلة من نظم التعليم في بلده وعرض للمفارقات التي تظهر في المخرجات التربوية، وكيف أنها تظهر في الآليات السياسية والتنموية.
الاكاديمي العراقي الذي قال أنه هاجر لأوروبا قبل 32 سنة، عرض نظرية في مفارقة المدخلات والمخرجات التعليمية ما بين مجتمعه الذي نشأ فيه، والمجتمع الذي يعيش فيه بأوروبا.
ملخص نظريته عن نظام التعليم العراقي كما عاشه ودرسه، والى حد ما العربي عموماً، هو أن الطريقة التي يرتهن بها مصير طالب الثانوية العامة لامتحان وشهادة ما يسمى ب التوجيهي، وكيف أن هذه الشهادة تتحكم بالتخصص الجامعي للطالب، ثم الكيفية التي تتحكم بها نظم التعليم بعقلية الخريجين التي يحملونها معهم في حياتهم العامة... كل هذه السلسلة من المغاليق الإجبارية، أفرزت في النهاية حياة سياسية عامة انتهت ، كما قال، الى التالي:
الذين يحصلون فوق ال 95% في التوجيهي يدرسون الطب والهندسة. أما الذين يحصلون في التوجيهي، ما بين 80 وحتى 90 %، فإنهم يدرسون الآداب والقانون ويتخرجون ليعملوا مدراء مسؤولين عن خريجي الطب والهندسة.
 أما المرتبة الثالثة من نتائج التوجيهي وما تتيحه من اختصاصات جامعية فإنها تُخرّج الساسة الذين يحكمون الفئتين الأولى والثانية. ويأتي في المرتبة الرابعة من نتائج الشهادة الثانوية واختصاصاتها الجامعية، دارسوا العسكرية الذي قاموا ، في بلاده كما قال ،خلال السنوات الستين الماضية بسلسلة الانقلابات التي كانت تطيح بالساسة. 
ويشير الاكاديمي العراقي المهاجر الى شمال أوروبا، الى أن الذين لم يحصلوا على الثانوية العامة ولم يدخلوا الجامعات، أصبحوا عندهم، زعماء للعشائر أو قادة للمليشيات المذهبية والعرقية. وهذه الشريحة الاجتماعية لديها من القوة والنفوذ ما يجعل شرائح خريجي علامات التوجيهي العليا يندرجون تحت إمرتها، من العسكر الى السياسيين وقبلهم المدراء، وقبلهم خريجي الطب والهندسة ممن كانت علاماتهم في التوجيهي 95 فما فوق. 
كانت مفارقة طريفة ، تلك التي أوردها الاكاديمي العراقي المهاجر، وحاول فيها أن يختصر مآسي بلده وربما المنطقة برمتها، كنتيجة لمدخلات ومخرجات نظم التربية والتعليم.
الاكاديمي المصري أيّد نظيره العراقي في القناعة بأن نظم التعليم تتحكم فعلاً بمستقبل الأمم والدول. لكنه زاد سؤالاً تحدّى به مراكز البحث الجديدة التي وجدت لها في 'الإرهاب' مصادر تخصص ومداخيل متوسعة. تحدّاهم أن يقدموا دراسة حقيقية موثّقة عن علاقة نظم التعليم في المنطقة، بموجات الإرهاب المتعاقبة، وأي نوع من عديمي التعليم أو خريجي الجامعات العربية هم الذين يتسربون لساحات وأدوات العنف الدموي.