Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Apr-2019

نتائج الانتخابات الإسرائيلية الحلقة الثانية*حمادة فراعنة

 الدستور-يوم 17 / 3 / 2015، دعا نتنياهو ناخبيه لدورة البرلمان الإسرائيلي العشرين، وحثهم على الخروج للتصويت رداً على تدفق الناخبين العرب مثل الدبابير نحو صناديق الاقتراع، فقد تجاوب الناخب العربي الفلسطيني مع قرار التيارات السياسية الثلاثة الفاعلة لدى الوسط العربي الفلسطيني، في مناطق 1948: اليساري والقومي والإسلامي، في تشكيل قائمة انتخابية واحدة للمرة الأولى خاضوا على أساسها الانتخابات مجتمعين، فحصلوا أيضاً وللمرة الأولى على 13 مقعداً، وزادت نسبة التصويت لديهم من 54 بالمائة إلى 64 بالمائة، مكافأة وتقديراً وانحيازاً لقرار إقامة القائمة الانتخابية المشتركة الموحدة على قاعدة التحالف ضد السلطة الحاكمة وعنصريتها وقوانينها في التمييز والتهميش وبسط الاحتلال والتوسع.

ولكن هذا الانجاز غير المسبوق لم يتواصل، فقد خاب رهان ابناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة على بعض قياداتهم الأنانية، ضيقة الأفق، فبدلاً من تعزيز قراراتهم الإئتلافية وتوجهاتهم الوحدوية، اختار بعض منهم طريق الانفصال والضعف والهوان، واخفقوا في الحفاظ على المنجزات التي حققوها، فانحدروا إلى مستوى الحروب البينية العربية، وإن حافظوا على أقل الشرور بخوضهم الانتخابات بقائمتين منفصلتين، فكانت النتيجة العملية الملموسة تراجع تمثيلهم إلى عشرة مقاعد، أقل حتى من دورة الكنيست التاسعة عشرة لعام 2013، حيث كان بحوزتهم كأحزاب متفرقة 11 مقعداً، وزادت إلى 13 مقعداً عام 2015.
نتائج هذه الانتخابات اعطت الحركة الاسلامية مع التجمع الديمقراطي أربعة مقاعد لكل منهما مقعدان، ولولا المرشح مازن غنايم رئيس بلدية سخنين السابق بوجوده بهذه القائمة، والذي أعطاهم أكثر من عشرة الاف صوت من مدينته، لما حققت الوصول إلى البرلمان، أما الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة فقد حافظت على مكانتها وروحها وتركيبتها المبدئية وحصلت على أربعة مقاعد وحليفها في هذه الانتخابات الحركة العربية للتغيير حصلت على مقعدين، وذلك بفضل قبول قيادة الجبهة الديمقراطية لأن تكون هذه الحركة معها، ولو كانت الحركة العربية للتغيير وحدها في الانتخابات بعد أن تم رفضها من قبل القائمة الثانية المكونة من الحركة الإسلامية والتجمع الديمقراطي، لما تمكن أحمد الطيبي من الوصول إلى البرلمان مرة أخرى، فكان القرار الصائب من قبل الجبهة الديمقراطية في آخر أيام تقديم قوائم الترشيح، أن لا تترك الحركة العربية للتغيير تواجه مصيرها بالهزيمة والفشل، بعد أن أعلنت هذه الحركة أول مظاهر الانقسام والخراب بخوض الانتخابات وحدها، مدعية أنها وفق استطلاعات تضليلية مدفوعة الأجر، ستحصل على سبعة مقاعد وحدها، وبذلك رمت أول حجر إعاقة في طريق الائتلاف والوحدة، مع أن قواعد ومؤتمرات الأحزاب الثلاثة : الجبهة الديمقراطية والحركة الإسلامية والتجمع الديمقراطي قد سبق لها وأقرت صيغ التحالف والإئتلاف، واستمرار الوحدة التي لم تنفذ. 
نتنياهو الذي بعث جواسيسه لمراقبة مواقع الانتخابات لدى المدن والقرى العربية وتصويرها وإرسال تقاريرهم إلى مقر الليكود، كان مغتبطاً لحالة عدم تجاوب الوسط العربي مع نداءات قياداتهم للوصول إلى صناديق الاقتراع نتيجة احساسهم بالإحباط بسبب الانقسام الذي وقع بالقائمة المشتركة، ومن المتوقع أن يبعث نتنياهو برقيات الشكر والامتنان لمسببي تراجع التمثيل العربي؛ لأن من يتحمل مسؤولية هذا الإخفاق قد قدم هدية مجانية مسبقة إلى نتنياهو، وتجاوب مع مخططاته العنصرية لمواصلة تغييب التأثير العربي الفلسطيني على صورة وواقع المشهد السياسي للمستعمرة الإسرائيلية، فمن قرر الغياب، ومن قرر الانقسام، ومن قرر اللامبالاة، ومن قرر المقاطعة، عاقب نفسه وشعبه بالابتعاد عن حق حالة الحضور السياسي التي يستحقها في مواجهة سلطات العنصرية والتمييز والاحتلال والتهميش، من على أحد منابر المواجهة وهو البرلمان، وأفقد نفسه الحق في التعبير والشراكة، وهو مثل ذاك الشخص ضيق الأفق الذي يُعاقب نفسه احتجاجاً على الواقع، فيطلق النار على رجليه حتى يقع مقعداً بلا حركة. 
هزيمة الوسط العربي الفلسطيني في انتخابات البرلمان الإسرائيلي الواحد والعشرين يوم 9 / 4 / 2019 ، ليست نهاية الكون، ولن تبقى أبدية، ولكنها محطة كفاحية على الطريق الطويل، ستوفر الخبرة والتجربة الأعمق لنضال الشعب الفلسطيني ضد المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، بطرح البديل الديمقراطي للشراكة العربية العبرية والفلسطينية الإسرائيلية، ضد الصهيونية والاحتلال والتوسع والاستيطان وقوانين التهميش والعنصرية؛ لأن أفق الاحتلال والتوسع الاستعماري مغلق مهما بدا أنه حقق من نتائج، ولكن مصيره الهزيمة والزوال كما هو نظام الفصل العنصري البائد في إفريقيا، وخيارات المساواة والعدالة والتعددية والحلول الديمقراطية المتكافئة الندية، على أساس الشراكة والمستقبل المشترك هو الذي سينتصر في نهاية المطاف. 
الذين سببوا الهزيمة والتراجع للوسط العربي الفلسطيني ستصلهم بطاقات الشكر من نتنياهو، مثلما ستصلهم معايير النقد بما يستحقون من قبل شعبهم وضمائره الحية.