الراي - في أواسط القرن الماضي كنا خارجين من مجتمع صغير فقير تحكمه العشيرة والقرية والبادية حتى في صميم المدن نطلب العلم في مصر أم الدنيا حينما بدأ وعينا السياسي يتشكل فادركنا على مدىً غيرِ قصير اهميةَ اقتران كفاح المرأة من اجل حقوقها بالكفاح الوطني من اجل التحرر من ربقة الاستعمار والاقطاع والرجعية، وحين التقطنا الفرق النوعي المهم بين نزع الحجاب الذي قامت به نساء مصر بقيادة هدى شعراوي في ثورة 1919 وبين نشاط استعراضي كانت تتباهى به جمعيات نسائية تترأسها صاحبات العصمة من زوجات الباشاوات لجمع التبرعات والألبسة المستعملة للفقيرات ! عرفْنا قيمة تحرك المحامية إميلي بشارات في الاردن للمطالبة بحقوق المرأة وأهمية نجاحها بعد في انشاء اول اتحاد نسائي اردني عام 1954 رغم العراقيل الحكومية وسخرية المجتمع الذكوري وترديده لنكتة سمجة نُقلت عن مسؤول هزأ من مطلبها بالغاء تعدد الزوجات وهي العزباء ولم يخجل بعد سنوات قليلة عندما كان الحبيب بورقيبة اول رئيس تونسي بعد الاستقلال يتوّج نضال المرأة التونسية بسن قانون يمنع تعدد الزوجات! وواصلت أميلي بشارات مع رفيقاتها الرحلة الصعبة، ورغم تحقيق بعض التقدم الا أن جهودهن بقيت محاصرةً داخل مجتمع يرزح تحت نير عادات وتقاليد جائرة لم يجسر احد على التعرض لها خلال نصف قرن كما فعلت عفاف البطاينة عام 2004 في روايتها ((خارج الجسد))، وبقيت المرأة الاردنية تعاني من بعض القوانين المنافية للشرعة الدولية لحقوق الانسان الصادرة عام 1948 وما تلاها من عهود ومواثيق تخص المرأة تحديداً في العمل والتعليم والاختيار الحر للاسم والزوج وحضانة الاطفال ومكان الاقامة والاجر المتكافئ مع الرجل والمساواة في الميراث، ولم يشفع لها وصولها الى كثير من المواقع القيادية في الدولة والمجتمع بأن تمنع الاسلاميين والذكوريين في مجلس النواب الحادي عشر من إعادتها الى الخلف مئات السنين حينما ألغوا حقها في التساوي بالرجل في اقتسام الميراث من الاراضي الزراعية والذي كان معمولاً به حتى في دولة الخلافة العثمانية!