Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    15-Mar-2019

العربية.. هل تبقى لغتنا الوطنية؟

 الراي-خالد عزب

هل باتت اللغة العربية مُهدَّدةً حتى فى عقر دارها حيث القبائل العربية العريقة؟!. إن الذى يسير فى شوارع المدن العربية، اليوم، سيجد لوحات إعلانية كبيرة الحجم باللغة الإنجليزية لتعكس تراجعاً نسبياً متصاعداً للغة العربية فى عقر دارها، بل إننا نرى فى المراكز التجارية أن اللغة الإنجليزية هى لغة التعامل، فهل هذا يشير إلى أن اللغة الإنجليزية هى وسيلة التواصل والتعبير؟ ولأن اللغة هى مرآة الثقافة، فهذا يعنى أن الثقافة العربية باتت مُهدَّدة لأن اللغة هى المعبرة عن الذاكرة الجمعية، وهى تصوغ الحياة اليومية، وتبرز المشاعر والرموز الخاصة بالمجتمع، وتقدم التجربة الإنسانية له وتقدم أفكاره، فإذا ما اتجه هذا المجتمع إلى غير لغته، فهذا يعنى فى الحالة العربية وجود حالة انفصام فى المجتمعات العربية، التى تقرأ ما هو مقدس «القرآن الكريم والأحاديث النبوية» باللغة العربية، وتتعامل باللغة العربية، لكن هذا الانفصام ظهر فى طبقات محددة بدأت فى تعليم أبنائها باللغة الإنجليزية، وتصاعدت هذه الظاهرة إلى اليوم، حتى إن هذه الأجيال شكّلت مجتمعاً منفصلاً عن باقى المجتمع، وهذا الأمر ظاهر للعيان فى حالة مصر، فإن هناك مجتمعَيْن متمايزَيْن تماماً غير مندمجين، تعبر عنهما أسوار «الكمباوندات» أو المجتمعات السكنية المُسوَّرة والمعزولة، ويتكرر هذا بصورة أو بأخرى فى المغرب، الذى كان يعانى تغلغل الفرنسية على حساب العربية، الآن باتت الإنجليزية تزاحمهما بصورة غير مسبوقة، وتتشكل تدريجياً طبقة ذات اتجاه جديد، ثقافتها ومرجعيتها قد تصلان إلى حد احتقار لغتها وثقافتها الأصلية، والأخطر فى أجيال هذه الطبقة أن بعض أفرادها حينما يصطدمون بالدين وتساؤلاته يبحثون عن إجابات، فيكون الإنترنت ملاذهم ليصبحوا صيداً سهلاً لجماعات العنف والتطرف، فى ظل اهتزاز صورة علماء الدين بالمؤسسات الرسمية، ذلك أن تسلسل اللغات الأجنبية لتكون لغة معاملات يومية يجعل الأمر وكأن هناك رغبة لدى بعض شرائح المجتمع فى التنكر لقيمة اللغة الوطنية.
 
ومن ثَمَّ، لابد أن تكون المقاومة حلاً، ولن يكون هناك حل إلا بإعلاء قيمة اللغة الوطنية عبر مناهج تدرس اللغة العربية كثقافة يجرى منحها للأجيال الجديدة بجماليات اللغة لتتذوقها هذه الأجيال قبل أن تلج إلى قواعدها، هذا ما أدركه القدماء حين صاغوا العلوم شعراً، بل إن فى نصوص اللغة العربية النثرية ما يجذب ويخطف العقول لتحبها، إن وسائط الإعلام أيضاً أداة عزّزت واقع اللغات الأجنبية، ولذا نرى فى محطات التلفاز والصحف إعلانات بالفرنسية والإنجليزية، لذا فإن هذه الوسائط باتت مُهدِّدة للهوية أيضاً.
 
ومن خطوات الحل أيضاً عودة الخط العربى وجمالياته، وهو ما يخلق علاقة فنية ونفسية بين الأطفال واللغة العربية فى خطها كفن جمالى، كما أن على المدن أن تبرز الخط العربى فى واجهات المبانى مثلما كان الحال فى العصور السابقة، وهو بهذا يوجد بُعداً بصرياً يؤكد أن العربية لغة هوية توجد فى كل مكان، لتبرز هنا تجربة رائدة فى الخط العربى عبر مركز الكويت للفنون الإسلامية الذى له عدة برامج متعددة المستويات، بدءاً من الطفل الذى يقدم له الخط العربى بجمالياته فى كراسات تعليمية بصورة مُشوِّقة، تحمل شعراً ونثراً وأقوالاً مأثورة تعمق علاقاتهم باللغة العربية.
 
إن تحدى اللغة العربية بات تحدي وجود وهوية، فهل ننتبه، أم تستطيع الإنجليزية أن تُخضِعنا لعولمتها وتكون قادرة على امتصاص هويتنا ثم إنهائها دون أن ندرك إلى أين نحن سائرون؟!.