Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    18-Nov-2017

كلامنجي - م. باهر يعيش

الراي -  الحديث: كلام متبادل بين أثنين وربما أكثر, قد يكون وجاهة وشفاهة على قارعة طريق أو داخل مكتب أو متجر وربّما في قاعة اجتماعات أو من على منبر, أو يكون بوساطة من هاتف أو لقاء عبرالأثير أو على شاشة التّلفاز. إتمامه يستلزم مستقبلا ومرسلا, يبدأ دماغ المتحدّث بإرسال عبارات تصدرعلى لسانه على موجات صوتيّة لتصل الى دماغ المستمع عبر جهاز استقباله وهو الأذنين .

خلق اللّه لنا أذنين أثنتين ولسانا واحدا, لحكمة ربّانيّة:(ربّما) تقنينا للكلام, لنسمع أكثر, نستقبل أكثر مّما نرسل فتكون الأستفادة أكثر ,اللّسان ينقل ما في الأذّهان والعقول ولكنّه لا( يضيف شيئا) لصاحبه, والأذن تستقبل ما في عقول الغير لتضيف علما وثقافة ومعلومات جديدة لصاحبها....في الّلسان رفعة المرء وعلوّ مقامه, ومنه دماره ومضرّته وقد يكون (مقتله)...ما كلّ كلام يقال, وما كلّ حديث يسمع ,(فأسمع) القول أجمله, و(أطنش) القول أرذله, قد يكون الكلام في عمل أو أدب او سياسة, في موضوع أجتماعيّ أو وطني, وقد يكون في مديح أوغزل, في نقد أو نصح أو عتاب أو لوم, وقد ينحدر الى أسفل شتما وأستغابة ونميمة. لكل مقام مقال, ولكن ليس لكلّ مقال مقام, فالترّهات تنفر منها كلّ المقامات حتى أوضعها. القامات (عمالقة وأقزام) تذهب وتزول, وتبقى المقامات وتخلّد.

 
البعض يحسن الحديث ويحسن الإصغاء, يبهرك بروعة حديثه كما يأسرك بحسن إصغائه، يصغي باذنيه وقلبه حتى لتخاله يتّفق معك في كلّ ما تقوله, يأتي دوره في الكلام, يبدي رأيه لتفاجئ بمخالفته لمعظم ما ورد في حديثك.لا تملك الّا ان تنحني احتراما له، لحسن إصغائه ولرأيه.البعض يحسن الأصغاء ولا يحسن الحديث يعرف قدر نفسه واستطاعته فيقف عنده لا يمارسه أحتراما لنفسه وللنتلقّي. آخرون يحسنون الحديث ولا يحسنون الأصغاء فيفوتهم خيرعميم,لا يضاف شيئأ لما لديهم,يفقدون روح النّقاش ويتوهون فيه أذا ما دفعوا للزاّوية,حجّتهم يسهل نقدها وربّما دحضها ممّن أحسنوا الأصغاء اليها,لا يستطيعون صمودا ولا نقدا لرأي لم يسمعوه,فمعرفة ما لدى الغير ثلثي الطريق لمقارعته والفوز عليه,فمن سبر غور ما في ذهن غيره أمن شرّه بل..كسبه لجانبه.
الكثيرون(للأسف)لا يحسنون الحديث ولا الأصغاء,يحترفون(الكلام)فارغ الكلام وفقط, أيّ كلام(كلامنجيّه),لايصمتون,لا يريحون ولا يستريحون,فرصة(لاحت),يمتهنون أسماع وأدب وصبر من رماهم سوء حظّهم ليكونوا مستمعين,يهتكون ساعات طوال في كلام لا ينقطع ,لا يأخذون نفسا,يختنقون ولايفوتهم حرف عرض مستمر,حلق واسع رئات كالمغر لسان بألف وصلة يلفّ ويدور,لا يستقبلون ولا يلتقطون حديثا بل يرسلون فقط .عندما تبدأ السنتهم بالحديث تغلق صواوين آذانهم تلقائيّا وتعلوا أصواتهم كي لا يسمعوا أحدا, يعملون أيديهم (نغزا)لجنوب وأكتاف وركب المستمع الحزين الجالس بجوارهم ,يتمادون يقبضون على (حنكه)يشدّوه لناحيتهم بقوّة (خلع رقبة) حتّى لا تغفو الفريسة(فتشتّ)لسخافة أفكارهم وسؤم حديثهم.يرفع هؤلاء(الكلامنجيّة) (الفيتو)على كلّ من قد يجرأ فيفتح جانبا من فيه حتى (للتثاؤب).ينفضّ السامر.ينسحب صاحبنا الى منازله ك(أبي عرّام)صدره ممنفوة قناعة بأنّ الكلّ وافقه(أكل الجوّ)على أطروحاته, فلا أحد قارعه أو ناقشه بما تحدّث به,لا لبيان حديثه وقوّة حجّته,بل للقمع الذي مارسه عليهم .أذا مرض في لسانه أو (صدف وصمت..لا يصغي , يسمع ولا يصغي,تراه يشيح بنظره عبر الحدود أو الى سقف الغرفة.
 
اذا ما نجح أحد في غفلة عنه في التخلّص من حظره فأخذ ناصية الحديث, يقاطع أوّل كلمة ينطقها المسكين و بطرح موضوعا آخر بعيد كلّ البعدعمّا يقال.(يحوص) بلسانه وأطرافه لأستجلاب أنظار المستمعين المحتملين لأشغالهم وصرف أسماعهم عمّن سيبدأ الحديث, لا محور في الوجود سوى ذاته, يدور الكون والخلق والدّنيا حوله.
 
(كالجندب)...كثير الحركة قليل البركة,يوهم من لا يعرفه بنشاطه وأصراره على المقاطعة أنّه يعرف الكثير,يقعون في شراكه,يسعون لسماعه لأستطلاع مكنونه.يدفع البعض من المتحدّثين لقطع حديثهم ,يصمتون هربا من إزعاجه,يمكّنوه من أفراغ ما لديه ليريح ويرتاح، يفتح فاه ف...يسقط فيه. فستق(فاضي)لا يملك شيئا ذا قيمة ليقوله( طبل أجوف كبير)الأكبر حجما والأكثر فراغًا، والأعلى صوتا.ف...من أيّ فصيلة...أنت. اللّهمّ عافنا.
mbyaish@gmail.com