Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    23-Sep-2014

تجزئة أمن غزة لا ينجح*د.احمد جميل عزم

الغد-ربما يكون أحد دروس المفاوضات الفلسطينية التي يمكن نقلها إلى علم المفاوضات، هو خطورة وصعوبة الاتفاقيات الانتقالية والمرحلية. هذا ينطبق على المفاوضات الإسرائيلية-الفلسطينية، والآن الفلسطينية-الفلسطينية. على أنّه في حالة المفاوضات الفلسطينية الداخلية التي تتجدد هذا الأسبوع في القاهرة، فإنّ البحث في اتفاقيات دائمة، وعدم تأجيل ملفات مثل الأمن للمستقبل، هو الحل الأمثل.
بقدر ما تشكل الاتفاقيات المرحلية والانتقالية أحياناً وسيلة لبدء الحل وتغيير الأجواء، للوصول التدريجي إلى تسوية الملفات المعقدة، بقدر ما تكون في أحيان أخرى، وهذا ما يحدث في السياقات الفلسطينية-الإسرائيلية والفلسطينية-الفلسطينية، وسيلة للهرب من ضغط اللحظة والتوصل إلى اتفاق، بينما يخطط كل طرف داخليّاً لتغيير الأوضاع والظروف، بحيث يمكن إما التراجع عن الاتفاقيات، أو حسم النتيجة النهائية لصالحه كليّاً، وليس بغرض تأسيس وقائع سياسية وميدانية جديدة تغير من شكل العلاقات جذرياً، وتؤدي إلى تسوية حقيقية مقبولة. وفلسطينيا، فإنّ اتفاق إعادة تشكل حكومة رامي الحمدالله، في أيار (مايو) الماضي، ترك معضلات مثل الأمن وأجهزته ليتم حسم أمرها مستقبلا في مفاوضات لاحقة، وعبر تشكيل لجنة عربية تساعد في ذلك، وبعد انتخابات واستحقاقات مختلفة.
وقد فرضت الآن مفاوضات الحرب الأخيرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين أن يتم تسريع حسم وضع المعابر، خصوصاً معبر رفح مع مصر؛ إذ أصبح لزاماً استلام قوات تتبع الرئاسة الفلسطينية في رام الله هذه المعابر. لكن هذا التسريع لم يمنع تفاقم الصراع على ما يسمى "قرار الحرب والسلام"؛ أي من يقرر المواجهة مع الإسرائيليين. وفتح باب مسألة "حكم القانون"، ودور عناصر كتائب عزالدين القسام في الأمن الداخلي المدني في غزة. وستصبح هذه كلّها موضوع مفاوضات بين "حماس" و"فتح"، والحرب الإعلامية الدائرة حاليا بشأن هذه الملفات، هي جزء من مفاوضات.
تريد "حماس" استمرار عمليّة تجزئة الملفات الأمنيّة إلى مراحل. فبينما تريد الحركة تحمّل الحكومة الحالية لمسؤوليات قطاع غزة ماليا، بما في ذلك الموظفين وعناصر الأمن الذين عينتهم، وتريد تفعيل المجلس التشريعي الفلسطيني، وعقد اجتماع الإطار القيادي لمنظمة التحرير الفلسطينية، وبينما توافق على استلام قوات الحرس الرئاسي الفلسطيني للمعابر، وتحديداً معبر رفح، استجابة للشروط المصرية بهذا الشأن، فإنها (حماس) تريد تأجيل ملفات الأمن الداخلي.
بدلا من أن تؤدي نتائج حرب غزة الأخيرة إلى تحسين الموقف التفاوضي لحركة "حماس"، باعتبار أنّها حققت إنجازا عسكريا، كان حوله التفاف شعبي كبير، وجدت الحركة نفسها في موقف الدفاع تفاوضيّاً، وذلك لأسباب عدة، منها أنّه لم يكن ممكناً التفاوض أو الوصول إلى وقف إطلاق النار من دون وجود القيادة الفلسطينية، ولم يترتب على الحرب تغير سريع في أحوال الغزيين، واتجهت الأنظار في عملية معالجة آثار الحرب إلى المستوى الدبلوماسي والسياسي الذي ليس لحماس وجود فيه. كما انفجرت ملفات مسألة الهجرة غير الشرعية من قطاع غزة، وتحميل الحركة بشكل أو بآخر مسؤولية عنها، على اعتبار أنّها المسؤول الأمني في القطاع. وهذه المعطيات جميعها، باتت تهيّئ الموقف لمطالبة السلطة الفلسطينية، والحكومة، بحسم ملف الأمن. ويلوح في الأفق موقف مفاده أنّ فكرة أن يكون الحرس الرئاسي موجوداً على المعبر، فيما أنفاق غزة، والأمن الداخلي، من تخصص جهة أخرى، هو تقاسم لن ينجح، ولن يكون مقبولاً، وأنّ الأمن وإنفاذ القانون لا يتجزآن.
من الناحيتين العملية والنظرية، فإنّ تقسيم ملفات الأمن، لا يمكن أن ينجح فعلاً، وسيتحول التقاسم إلى سبب آخر للتوتر. من هنا، فإنّ الحل هو التوصّل إلى تفاهمات شاملة، وفق أجندة من ثلاثة عناصر: أولا، تصور شامل للأمن في غزة ومفهومه وأجهزته، ضمن تصور للمستقبل السياسي وآليات إصلاح العمل السياسي الفلسطيني، وليس بهدف حل أزمة راهنة في غزة، وبحيث يستمر هذا المنظور بغض النظر عن الانتخابات. ثانياً، التعامل مع سلاح المقاومة وأهمية الحفاظ عليه للردع، مع تنظيم العلاقة بشأن الأمن الداخلي. ثالثا، وفي الجهة المقابلة للأمن، لا بد من آلية لإدخال "حماس" و"الجهاد الإسلامي" في شراكة القيادة السياسية، مع "فتح" وباقي فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وفي عمليات التنمية والبناء.