Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-Jan-2018

سياسة الهيمنة والأمر الواقع - غازي خالد الزعبي

الراي -  تعود جذور سياسة فرض الامر الواقع بالقوة للدول ذات النزعة الاستعمارية آلتي تستخدم آلتها الحربية لخلق وقائع جديدة الى عصر ما قبل الحضارة والعالم البدائي حيث يسود قانون الغاب وصراع البقاء , وهي حالة تجاوزتها الانسانية واصبحت حقبة من الماضي تدل على تخلف وقصور السائرين في ركابها , والداعين لها المتأثرين باجنده متطرفة نتيجة الانغلاق الفكري والتعصب الاعمى , والادعاء الكاذب المستمد من ذرائع واهية تعكس افلاس هذه السياسة , وافتقارها الى الحجة الدامغة والدليل المقنع الامر الذي يجعلها غير قابلة للاستمرار وضرباً من المستحيل.

 
وهذه السياسة في جوهرها غير ذات مضمون او محتوى واقعي, او استراتيجي كما يروج ويسوق لها البعض لاكسابها فعلاً قاهراً معجزاً بسبب تناهي مصدرها الناضب , وتلاشي معين قوتها المستخدمة المفرطة التي تحمل في طياتها بذور فنائها , وتتحول الىعملية استعراضية مضللة قائمة على مفردات الدعاية الارهابية للدول  المعتدية غايتها الثأتير المعنوي على الاخرين المستهدفين , واختراق مشاعرهم لتوقع قبول الهزيمة قبل حدوثها والوقوع في فخ اليأس والاحباط , وهو نهج استعماري خبيث للغزو المتعدد الاشكال الذي يستبيح حرمة الاوطان وحدود الدول المسالمة تحت وهم الانتصار الزائف والصورة المفبركة بأيحاء من نظريات متطرفة , ومسميات مبتدعة مثل صراع الحضارات والاديان وفلسفة التاريخ كمبرر ايدولوجي لقتل الابرياء وسفك الدماء والارض المحروقة مما شوه صورة المشهد العالمي الحديث , ودفعت ثمنه الساحة العربية الاسلامية التي اصبحت ميداناً مفتوحاً للغزو الممنهج والاحتلال الدائموالفئات الضالة المتربصة , والخلايا النائمة التي سخرت قواها لاغتيال  النفس البشرية والفتك بارواح الخلق وتشريد السكان , لتطل من جديد برأسها تلك النزعة العنصرية الفوضوية , والهجمة العشوائية الهمجية المؤسفة.
 
ورفض هذه السياسة المنحرفة سمة من سمات الشعوب الحية , ووسيلة مشروعة للدفاع عن النفس اقرتها الشرائع السماوية وصيغالعدالة البشرية المتحضرة , وموقف فطري طبيعي لتحقيق  المثل الوطنية العليا , وطريق وحيد للعبور الى فضاء الحياة الحرة الكريمة تسجل كحالة نهوض وانتصار في ذاكرة الشعوب والامم تحسب لها على مر تاريخها المضيء حفظاً لمقدساتها ومستقبل اجيالها على قاعدة توازن القوة والردع المكافئ الذي يلجم العدوان ويجهض مشروعة الخرافي , وهو ما يعني بالضرورة الابتعاد عن المواقف السلبية العقيمة التي تكتفي بالشجب والاستنكار, والادانة بالقول دون الفعل الذي يمهد الطريق لتفتيت الجهد وضبابية الرؤية وخداع النفس , ومسايرة العدو الذي لا يجدي معه الحوار نفعاً بعد ان حسم امره لتنفيذ مشروعة المغامر غير ابه بالنتائج ليتحول لاحقاً الى حالة استثنائية فوضوية وهمية فاقدة للوعي والشعور.
 
والامة العربية المنيعة الجانب ذات الجذور الراسخة في اعماق الارض امة مجربة , عصية على الاختراق , كانت ومازالت على مدى تاريخها الطويل في الصف الاول لمجابهة العدوان , وفي مقدمة من تصدى لقوى الظلم والظلام ,تشهد بذلك الوقائع الخالدة التي سطرها الاوائل , والاجيال التي بقيت مستنفرة لا تعرف استراحة المحارب لتكالب المتربصين والموتورين عليها من الخارج والداخل كامثولة ملهمة ودليلاً هادياً لكل المستضعفين في الارض , وتبقى حصناً حصيناً للبشرية المعذبة , وهي قادرة بوحدتها ومقدراتها العقائدية والبشرية والافتصادية ان تخرج من محنتها قوية صامدة مشفوعة بالمدد والتأييد بما لها من مخزون  حضاري رفيع المستوى , يمتزج فيهالايمان بالقيم الكبرى ليخلق امشاج خلاصة رؤية متجددة كأمة خير وسلام , ونهج تصالحي اضاء شعلة الحضارة الانسانية قاطبة كمثل يحتذى ومعلم يهتدى.