Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    09-Jul-2017

صحون طائرة! - ابراهيم العجلوني
 
الراي - استفاض حديث الكائنات الفضائية استفاضة واسعة في خمسينيات القرن العشرين، وتكاثرت الروايات عن «صحون طائرة» تهبط او تُقلع في هذه الولاية او تلك من الولايات الاميركية او على الحدود الكندية او المكسيكية، ثم بدأت تصدر روايات وكتب عن أولئك «الذين هبطوا من السماء» وصار ذلك كله مثاراً لخيال السينمائيين وبدأت سلاسل من أفلام غزو الفضاء تملأ دور العرض وشاشات التلفزيون، وأخذت تظهر أبحاث عن إمكان وجود حياة ومدنيات في الكون، وامتزجت الروح العلمية في ذلك بالنزعة الأُسطورية، وتراحبت للآداب والفنون من ذلك آفاق وآفاق.
 
* * * *
 
نستذكر هنا ما جاء في التفسير الكبير للفخر الرازي عن «العوالم الممكنة». كما نستذكر ما جاء في كتاب «الإمام الغزالي»: «جواهر القرآن» عن تلك «الأرض البيضاء» المخلوقة لله، التي مسيرة يومها كثلاثين يوماً من أيامنا، والتي لا يعلم قُطّانها «بخلق آدم ولا بأن الله يعصى في الأرض».
 
كما نستذكر بعضاً مما تحمله لنا الانباء من اكتشاف كوكب او اكثر في زوايا الكون البعيدة يصلح للحياة ولان تقوم فيه حضارة على نحو أو آخر.
 
بيد ان كل ذلك لا يخرج عن دائرة الاماني والظنون وهو إن صلح لقفزات الخيال لا يصلح لمواطن اليقين بحال، وعدم الوصول به الى مستقر يطمئن العقل اليه دليل على استيلاء النقص على البشر وعلى رجوع ابصارهم واذهانهم حسيرة عن حقائق الكون الذي لا يعرفون له حدّاً، وعن آيات الله المبثوثة فيه، إلاّ ان يأتيهم من لدن خالقهم العظيم سبحانه وحيّ منزل يطمئنون اليه اطمئنانهم الى السُّنن والقواعد الفاعلة في وجودهم وفي سائر الكائنات.
 
* * * *
 
على ان من شأن النظر في ملكوت السماوات والارض ان ينتهي بالعقل الانساني الى ضرورة استشعار ذلك «التواضع المحمود» الذي قد ينكّبُ عنه حُمّى اغتراره بالقليل مما يعرفه عن نفسه، وعن العالم القريب الذي يتقلّبُ فيه، وعن العوالم الممكنة في مفاوز الكون وارجاء السماوات.
 
* * * *
 
وإذا نحن انتقلنا من هذا الافق العَلِيّ والسّمْتِ البهيّ الى حياتنا الثقافية وما يملأُ أُفقها الرمادي من بالونات منفوخة او صحون طائرة يختلقها الوهم والجهالات فإن مطلب «التواضع المحمود» يكون أكثر وجوباً وأشدّ إلحاحاً، ولا سيما في مواجهة «الصغار المُتنفجين» او «الخشب المسندة» التي يحسبون كل صيحة عليهم، وهم كُثر متفاقمون متورّمون مأزومون.. ألا ساءَ ما يزِرون.
 
ردود
 
وصلنا المقال التالي من رئيس تحرير مجلة أفكار الثقافية التي تصدرها وزارة الثقافة، الروائي جمال ناجي، وهو رد على مقال نشر في الرأي في الرابع من الشهر الجاري بعنوان «فهم ملتو لمعنى التجديد» للزميل إبراهيم العجلوني، وانطلاقاً من أحقية الرد،ننشر المقال كاملاً كما ورد من المصدر،مع التحفظ على بعض المفردات.
 
المحرر
 
في الرد على ابراهيم العجلوني:
 
وماذا عن الفهم القاصر للتجديد؟
 
•جمال ناجي
 
ما كنت أعرفه عن السيد ابراهيم العجلوني قبل عشرين عاما ونيف انه يدقق في ما يقرأ ويكتب ،خصوصا حين يعتلي منبرا في جريدة على قدر كبير من الأهمية كالرأي.
 
لكن ما قرأته له تحت عنوان (فهم ملتو لمعنى التجديد) في عدد الرأي 4/7/2017 تعليقاً على ما ادعى انني كتبته في مفتتح العدد 340 من مجلة «أفكار» خيب ظني وأرغمني على الرد على غير رغبة مني، لأن أعمال السمكرة في الموضوعات الثقافية والمعرفية تزعجني.
 
ويبدو ان الامطار التي هطلت خلال تلك الأعوام الطويلة، والسيول والأتربة والشموس والأحداث قد أحالت ذلك التدقيق إلى هلام رخو بلا يقين، فالأصل أن يقرأ الكاتب ما يريد الكتابة عنه، ولا حاجة لي بأن أؤكد بانه لم يقرأ مفتتح أفكار 340 الذي يتحدث عنه لسبب بسيط هو: انني لم أكتبه. ولو كلف نفسه عناء قراءة المفتتح المذكور لتنازل قليلاً عن الإجهاد الذي رافق البسالة التي كتب بها مقالته ، ولتحول تحامله إلى نعي متأخر لتركيزه هو.
 
أفكاري التجديدية لم تعجب السيد ابراهيم، هي عبارة عن تصريح صحفي صدر عني كرئيس تحرير لمجلة «أفكار» ونشر في الرأي بتاريخ 29/6/2017 وليس مفتتحا للعدد الجديد من المجلة. وبالطبع فأنا لا أستثني كلمة واحدة مما ورد على لساني في ذلك التصريح، إذ ليس لدي ما أخفيه وليست لدي أصوليات مستترة توظف بكائيات الراحلين لتحقيق أغراضها.
 
لكن يبدو أن المسألة مع السيد ابراهيم «ليست رمانة»، إنما هي «قلوب مليانة» على خطاب الثقافة المدنية والتجديد الثقافي الذي تتبناه «أفكار». وليت العجلوني اكتفى بعدم التدقيق ، انما هو اجتزأ من التصريح ما قد يسعفه في تشويهه لما قلته مكتفيا بعبارة وردت في السياق حول الأدباء المتوفين، وهنا لا بد لي من أن أعرج على لفظ «المحايثة» المشتق من حيث الظرفية ، والذي قلبه ابراهيم وأورده في مقاله (محاثية) متسائلا عن معنى هذا اللفظ الذي قام هو بتبديل ترتيب حروفه بما يخدم مبتغاه.
 
إلى هذا الحد ؟ أهكذا تحاكم الأفكار.
 
طيب، ماذا نفعل أكثر لكي تكون مطمئنا على مستقبل ثقافتنا العربية باعتبارك «الحارس الأمين عليها»؟ ففي نهاية الأمر مجلة أفكار ليست حلقة ذكر وتكرار ،إنها ابنة الحياة والشريكة الثقافية المعرفية في صياغة حاضرها ومستقبلها، ومن يرى غير ذلك عليه إعادة تأهيل نفسه بما يتوافق مع متطلبات عصرنا.
 
لن أهبط إلى مستوى ألفاظ وعبارات التحامل والتهكم التي يعج بها مقال السيد ابراهيم، كما لست معنيا بكيفية فهمه تلك الفقرة التي تتحدث عن الملفات الدورية لا عن المواد التي ما زالت افكار تقوم بنشرها عن الأدباء الراحلين في أعدادها المنتظمة، أما إذا كان الكلام غير مفهوم له، فسأحيله إلى رد إبي تمام: لم لا تفهم ما يقال؟
 
إن النهج التجديدي الذي اختطته «أفكار» ليس وليد اجتهاد شخصي إنما هو محصلة نقاشات وحوارات بين أعضاء هيئة التحرير على مدى جلسات عدة ، وجميعهم أساتذة وأصحاب اختصاص لا يخدشهم مقال مجحف هنا أو هناك، ولعلم ابراهيم، فليس في واردنا التراجع عن نهجنا الذي اتخذناه خدمة لمجتمعنا وتحصينا له من موبقات الفهم المتكلس للتطور الإنساني ومتطلباته المجتمعية والمدنية.
 
أمر آخر يثير الاستغراب وهو وضع ثبت بعشرات الأسماء من الأدباء في المقال المذكور ،بما يشبه دليل الهاتف ،بقصد استعراض المعلومات، مع اننا في عصر الانترنت وبوسع اي كان تحشيد مئات الأسماء ووضعها في واجهات العرض خلال دقائق، فضلا عن أن المبالغة في الاستعراض لا تعزز مكانة أحد بقدر ما تسهم في تقويض تلك المكانة، إن وجدت.
 
تمنيت لو قام السيد ابراهيم بمناقشة أي من المواد المنشورة في «أفكار» بملفاتها الزاخرة بما هو جديد وحري بالمراجعة ، وهو الذي يعرف أن أفكار مفتوحة له ولسواه من أجل الكتابة ومناقشة ونقد ما تنشره على صفحاتها ، دون أن يعني ذلك ان «أفكار» تسمح بركل أبوابها المفتوحة بهدف التحامل أو بحجة عدم فهم المقصود.
 
عموما أعتقد بأنني أحسن قراءة ما وراء الرطانة، وما تخفيه العبارات المتخثرة التي تزخر بها شرايين بعض المقالات التي تعادي كل ما هو مدني وتجديدي ،واعرف جيدا أن «مربط الفرس» في مقال السيد ابراهيم ليس الادباء الراحلين الذين احترمنا – وما زلنا – إبداعاتهم وإنجازاتهم الثقافية والمعرفية، انما مسألة التجديد الثقافي التي لا يبدو انها تروق له، إلى حد انه ينتقد ما ورد على لساني من أن «ما كان ممكناً فيما مضى من العقود لم يعد ممكناً الآن» وهو ما أُصِرّ عليه، وأسأل في الوقت ذاته: في الزمن الماضي كان الناس يؤمنون بالحجب ويعالجون أبناءهم بالسحر والشعوذة ويمنعون المرأة من التعليم ويضطهدونها فهل هذا ممكن الآن يا ابراهيم العجلوني؟
 
وبعد ، فنحن في «افكار» لا نعاني عصاب الانفصال عن الحياة وتطوراتها، نحن شركاء في تفاصيلها، ومصرون على التجديد الثقافي وعلى نشر الثقافة المدنية التي هي أساس عمليات الاصلاح والتنمية ثقافياً وسياسياً واجتماعياً واقتصادياً، ومن لديه اعتراض فليتفضل بمناقشتنا على أسس معرفية لا تهكمية معيبة لا ترقى إلى أخمص خطابنا الثقافي والمعرفي.