Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    23-Aug-2016

الحلقة العربية في سلسلة القيمة العالمية الجديدة "المتصلة"

 

أدريان بريدجووتر
متخصص في شؤون تطوير البرمجيات وإدارة المشاريع والتكنولوجيا
الغد- في السوق العالمية الجديدة المرتكزة على الإنتاج، كيف تنسجم منطقة الشرق الأوسط في هكذا سوق متنوعة متصلة عالميّاً؟ 
يستمد الاقتصاد العالمي ديمومته اليوم من سلسلة قيمة عالمية جديدة. هذه السلسلة هي عبارة عن مجموعة متصلة من الأنشطة والفعاليات والعمليات التي تتيح الفرصة للشركات (أو الأفراد) إضافة قيمة لمنتج ما (والآن، وعلى نحو متزايد، لخدمة ما) وهي في طريقها إلى السوق. 
تحتوي سلسلة القيمة العالمية على مجموعة من الأنظمة الفرعية أو العناصر التي تُعنى بتقديم مجمل (أو بعض) خبراتها وكفاءاتها ومخرجاتها للتأثير على العناصر التي تدور في فلك دورة الأشياء، منذ إنتاجها وحتى وصولها إلى المستهلك. بمعنى آخر، تحاول الشركات الارتقاء بعمليات الإنتاج وتحقيق الاستفادة القصوى منها، من خلال توزيع مختلف المراحل عبر مواقع عالمية مختلفة.
 
رجاءً! كفى نظريات اقتصادية!
لدينا تخمة في عدد النظريات الاقتصادية. وحتى إذا نظرنا للأمر نظرة خاطفة، نجد أن دول مجلس التعاون الخليجي والشرق الأوسط عموماً، وكل بلد في جامعة الدول العربية، تحظى اليوم بمجموعة جديدة من الفرص التجارية التي تُبشر بالنمو والازدهار في ظل اقتصاد عالمي جديد ومتصل أكثر من ذي قبل. 
يكمن التحدي عند الحديث عن المنطقة ككيان واحد، في أن الشرق الأوسط يحتضن تركيبة متنوعة، فيه بلدان تتمتع بمستوى دخل عال كالإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، ودول ذات مستوى دخل متوسط ونطاق صادرات متنوع مثل مصر، وأخيرا دول ذات مستوى دخل متدن كاليمن. وعندما تقتصر قدرة كل دولة على الاتصال عبر نقطة مختلفة بسلسلة القيمة العالمية، فسيتعذر الوصول إلى حلول شاملة تناسب الجميع.
هنا تنشأ مجموعة من الأسئلة حسب قدرة كل دولة على الترابط والاتصال (من حيث النقل والاتصال بالإنترنت)، وقواها العاملة الماهرة، ودرجة تمتعها بنزعة التدويل، وقدراتها المالية ومواردها الطبيعية. 
مرة أخرى، تتربع الإمارات العربية المتحدة على رأس القائمة، كونها مركز النقل الجوي منقطع النظير على مستوى المنطقة؛ الأمر الذي يثمر تعظيم فرص الإمارات في الاضطلاع بمكانة أبرز ضمن سلسلة القيمة العالمية. وبالتأكيد لا نتحدث هنا عن المطارات والموانئ ووسائل النقل فحسب، بل تجدر الإشارة أيضا إلى القوى العاملة في الإمارات العربية المتحدة، والتي تحظى بأعلى كلفة مقارنة بالدول الأخرى في المغرب العربي على سبيل المثال. أما بالنسبة للإنتاج القائم على التصنيع الماهر أو نصف الماهر، فيمكن القول بأن مصر والمغرب تحظيان بموقع أفضل من أي دولة في الخليج.
هندسة الانتشار الدولي 
نعلم أن سلسلة القيمة العالمية تضم أكثر من مجرد إنتاج المصانع. وقد باتت شركات اليوم تبحث عن سبل تتيح لها هندسة "الانتشار الدولي" لأنشطة سلسة القيمة، بما في ذلك التصميم والإنتاج والتسويق والتوزيع وغيرها. 
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل تملك الاقتصادات العربية اليوم زخماً ومساحة أكبر لوضع بصمتها على خريطة التجارة العالمية المتصلة عبر الإنترنت؟ بالرغم من ظهور مبادرات ثنائية ودولية طيبة، ما تزال المنطقة تواجه تحديات وعقبات صعبة. 
نذكر على، سبيل المثال، برنامج التنافسية الخاص بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية - الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وهو البرنامج الذي جمع بين واضعي سياسات مكافحة الفساد والمتخصصين من الحكومات والقطاع الخاص بهدف تحديد الممارسات الجيدة التي من شأنها الارتقاء بمستوى النزاهة في عالم الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وبالرغم من وجود هذا البرنامج، فقد أكدت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وجود عدد كبير من الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، في العديد من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تعاني من عيب في بنيتها وهيكلها يجعل من الصعب عليها الحصول على مصادر التمويل الخارجي. 
مما قاله الخبراء في اجتماع مجموعة العمل التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية - الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والذي انعقد في دبي في آذار (مارس) الماضي: "يعتبر الإقراض المصرفي المصدر الرئيس للتمويل الرسمي. وهو مقيَّد بالبيئة القانونية والتنظيمية متدنية الجودة، ناهيك عن محدودية الأسواق المالية وغياب المنافسة بين المؤسسات المصرفية والمالية". 
 
تطوير الاقتصادات العربية المنفصلة 
هنا يكمن تحدٍ كبير. بُغية تعزيز الحلقة العربية في سلسلة القيمة العالمية، ينبغي إضفاء صبغة دولية أكبر على الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم المبادرة والمغامرة. ويختلف الأمر بالنسبة للشركات متعددة الجنسيات؛ فهي لا تحتاج لمثل هذا التشجيع لأنها شركات متعددة الجنسيات بالفعل. 
يجري تنظيم ورش عمل في مختلف البلدان العربية، بهدف وضع آليات متقنة للوصول إلى سوق اقتصادية أكثر عالمية. ويتركز العمل في هذا الإطار على مجالات معينة، مثل معاهدات الاستثمار الدولية ونزاعات الاستثمار والتحكيم. وبفضل مثل هذا النوع من الجهد والاستثمار في مختلف بلدان الشرق الأوسط، سيتسنى لنا تطوير أكثر الاقتصادات العربية اتصالاً وأكثرها قيوداً. 
لنأخذ العراق على سبيل المثال، فهو الدولة تعاني من نقص شديد في التنوع في اقتصادها. وليس من المستغرب اعتماد هذه الدولة على قطاع النفط بشكل أساسي، لكن النمو الاقتصادي طويل الأمد لن يتحقق إلا من خلال توفير قاعدة تجارية أكثر تنوعاً. 
 
موضوعات متكررة للمستقبل
بهدف مواصلة تعزيز الحلقة العربية في سلسلة القيمة العالمية، علينا العمل على مجموعة من الموضوعات المتكررة، مثل تنمية رأس المال البشري والتمكين الاقتصادي للمرأة، واللذين يعتبران في غاية الأهمية. وبحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فإنه "رغم التقدم الهائل الذي شهده قطاع التعليم على مدار العقود الماضية، ما تزال مشاركة القوى العاملة النسائية في المنطقة الأقل في العالم؛ بنسبة 24 % مقارنة بنسبة 62 % في اقتصادات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية". 
إن عنصرا النزاهة في الأعمال وحوكمة الشركات لهما أيضا أهمية قصوى. وفي ظل سلسلة القيمة العالمية الجديدة التي اكتسبت صبغة أكثر رقمية، سيكون على الشركات العربية التواجد أو إبداء الاهتمام بالسوق الأوروبية، وأن تعرف ماذا في جعبة الاتحاد الأوروبي في مجال إدارة البيانات بموجب لائحة "الاتحاد" العامة لحماية البيانات. 
في مقال نُشر مؤخرا في مجلة "فوربس"، لشركة "فيريتاس" المختصة بحفظ المعلومات، أفادت بأن "الشركات العربية العاملة في أوروبا (أو التي تستهدف عملاء أوروبيين) أمامها الآن سنتان لتطبيق الإرشادات والتوجيهات المنصوص عليها في اللائحة. عليها حصر الجهات المسؤولة عن أمن البيانات وتفصيل كيفية تدفق البيانات بين دول الاتحاد الأوروبي والدول خارج المنطقة". 
وذكر مركز جامعة "دوك" المعني بأبحاث العولمة والحوكمة والتنافسية، أن دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بحاجة ماسة إلى مناهج مستدامة لتحقيق النمو الاقتصادي والحد من مكامن الضعف وخلق فرص العمل وتعزيز إنشاء قطاع خاص يتسم بالشمولية والقدرة التنافسية العالية. 
وعليه، فإن التحدي هنا هو تحدي عالمي وتحدي رقمي وتحدي متصل عبر الإنترنت. ولكنه في الوقت نفسه قضية محلية ومسألة داخلية، وشأن يختص بتمكين القوى العاملة. وفي ظل نمو سكاني يعد من أسرع معدلات نمو السكان في العالم، تعتبر الحلقة العربية في سلسلة القيمة بمثابة شريان الحياة للازدهار في المستقبل. 
حان الوقت الآن لتحقيق استمرارية متسلسلة ومتشابكة نحو الداخل والخارج.