Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    07-Oct-2019

«سنعود هونغ كونغ».. ولم يعودوا*مروان سوداح

 الدستور-لفت انتباهي مؤخراً أخبار متلاحقة وزّعتها بكثافة بعض المنظمات، التي تتخذ من عددٍ من عواصم دول الغرب مقرّاً لها، وتَخص هذه الأخبار منطقة هونغ كونغ الإدارية التي هي جزء لا يتجزأ من الأرض الصينية والبر الرئيسي الصيني، والتي تديرها بكين، لكن ضمن مبدأً دولة واحدة بنظامين. أما الأخبار الثانية، فهي تتناول «خطابا مشتركا» لبعض المنظمات «الحقوقية» الدولية الغربية أيضاً، تدّعي فيه هضم الحكومة المركزية الصينية لحقوق المسلمين في شينجيانغ، وهي سيمفونية صارت قديمة ومهترئة.

 الصحافة العربية الورقية والإلكترونية نشرت هذه «الأنباء» عن كل ذلك لكن دون تعليق، برغم أن الصحافة الصينية لا تنشر أية أخبار تنتقد البلدان والأُمة العربية. هذه الأخبار موجّهة نحو صَدر الصين وحكومتها المركزية ونظامها الوحدوي للأراضي الصينية، التي تعترف به الغالبية الساحقة من دول العالم، قادتها وحكوماتها. وباختصار،  تُقر هذه الدول أن هونغ كونغ هي منطقة سيادية بامتياز لجمهورية الصين الشعبية، وجزء سيادي تاريخي وثقافي وبشري من الصين الكبيرة، وليست جزءاً من غيرها من الدول الأجنبية الواقعة وراء المحيطات والبعيدة عن الصين جغرافياً وفضاءً سماوياً.
 في عام 1997، كنت حاضراً في حفل استقبال كبير في السفارة الصينية في الاردن، بمناسبة عودة هونغ كونغ للوطن الأُم. حينها عُرض فيلم خاص عن إنزال العلم الاجنبي من على أرض هذه البقعة الصينية الصغيرة، ورفع العَلم الصيني. حينها لفت انتباهي أكثر من مسؤول أجنبي كانوا بجواري، إذ أن الدموع عندهم تهاوت من مآقيها في هذه اللحظة.. وقال أحدهم بصوت خافت ومتحشرج «سنعود إليك حتماً»! سمعت هذه الفقرة، وأتذكرها للآن، إذ أدركت حينها، أن هنالك في هذا العالم الفسيح، مَن يُخطِّط لعودة الاستعمار الى هونغ كونغ وماكاو، من خلال شعارات ويافطات عديدة. واليوم أيضاً، أدركت جيداً، أن «عودة» المارد الأجنبي للأراضي الصينية، بعد انتهاء حرب الأفيون التي شنّها المُستوطن طويلاً على الشعب الصيني، وتأسيس الصين الحديثة ونهوض الأُمة الصينية، ليس في وارد أولئك الذين خرجوا منها مُرغمِين، فها هم يمهدون اليوم للعودة إليها بشعارات يدّعون تارةً أنها مسيحية تطالب بـ «حرية العبادة»، ذلك أن الأَغلبية في هونغ كونغ هم مسيحيون كما في المصادر المختلفة، وتارة أخرى يختلقون شعارات إسلامية مزيفة للنيل من شينجيانغ،..
 
 
 القوى الأجنبية تغلّف حربها الباردة على الصين بأغلفة دينية بالدرجة الأُولى، لمحاولة اجتذاب التأييد لادعاءاتها التي هي «كوبي بيست» عن «هجوم القرن» الشرس الذي تواصل غربياً على الاتحاد السوفييتي، ومن بعده على روسيا بوتين، في محاولة غير موضوعية لإقناع البشر بأن الزعامة التاريخية للعالم وكرته الأرضية، إنما تقع على عاتق «ثلاث دول» رئيسية على الأكثر، تأتمر بأمر الله!
 في حقيقة أمر التدخل الخارجي بأمور الصين، محاولة زعزعة الوحدة الداخلية للشعب الصيني، وعرقلة تقدمه الاقتصادي الذي يؤرق بعض القوى الغربية، التي تدرك أن صعود نجم غيرها يَعني هبوط نجمها، والوسيلة إلى تحقيق تمدّدها يكمن لديها في حصار الصين عالمياً بمزيدٍ من الجعجعة حول ما يسمّونه بالعداء للأديان، عِلماً بأن مصادر غربية عديدة تنقل بين حين وآخر، ومؤخراً، حوادث متلاحقة عن العداء للمسلمين في الغرب، فقد كشف مجلس المنظمات الإسلامية الامريكية، أن الولايات المتحدة الامريكية شهدت وقوع عشرة آلاف حادثة مناهضة للمسلمين منذ العام 2014، فأين هي طبول وزوامير الإعلام الغربي من كل هذا وغيره الكثير من الجرائم التي تُرتكب بحق المسلمين ويتم التغاضي عنها، ناهيك عن الأَجواء العامة المناهِضة للمسلمين، وأجواء التحيّز ضد الشرقيين والأقليات عموماً في دول الغرب الأُوروبي وأمريكا!
 شخصياً، زرت شينجيانغ عدة مرات، ولم أزر هونغ كونغ أو ماكاو للآن، وأتمنى زيارة هاتين المنطقتين، لكنني أعرف جيداً، أن حق المسلم مضمون في الصين، وبخاصة في العبادات والحقوق المدنية والشخصية، وهي حقوق أكثر من تلك الحقوق التي يتمتع بها المسلم في العديد من دول العالم الغربي، التي تملأ الأرض عويلاً وبكاءً على ما تسميه زوراً بحقوق المسلم الصيني المصادَرة، بينما تصمت تلك الدول صَمت القبور على ضم واستباحة أنصارهم الأشرار الاستعماريين والاستيطانيين الصهاينة للحرم القدسي الشريف، والمساجد والكنائس والمزارات والمواقع الإسلامية والمسيحية في فلسطين المحتلة.
* صحفي وكاتب أردني، ورئيس الاتحاد الدولي الالكتروني للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين.