Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    06-Feb-2017

ترامب وتشرشل وجلال الدين الرومي ! - محمد كعوش
 
الراي - العالم مصاب بالذهول واللاصمت أمام مشهد العالقين في المطارات الأميركية ، او العابرين بين النظرات والكلمات وصيحات الأستهجان والتعاطف ، من الذين صدمتهم قرارات الرئيس دونالد ترامب وادارته .
 
رغم كآبة المشهد والحاحه ، كنت لا اريد الكتابة عن هذه المسألة ، ولكني وجدت نفسي رغم بعد المسافة ، أنني عالق مثلهم داخل اطار الحدث ، حيث خطف الرئيس الأميركي الأضواء ولفت انظار العالم الى هذه المحطة من العالم بقراراته الصعبة واندفاعه المثير للجدل ، اضافة الى الأخبار التي يزودنا بها على مدار الساعة ، والتي فتحت شهيتي للكتابة حوله أكثر من مرة ، لأنه يريد أن يكتب التاريخ بما يناسبه او يتخيله ، كمنقذ لشعب الولايات المتحدة . 
 
في اسبوعه الأول في البيت الأبيض رمى الرئيس ترامب صخرة في بركة هادئة من علو شاهق, فأحدثت هذه الأرتدادات والتموجات الصاخبة ، ليس في الولايات المتحدة فحسب ، بل في كافة انحاء العالم .
 
فجرت قراراته التوتر في اكثر من جهة ، وفي مقدمتها حظر دخول رعايا الدول السبع ، وبناء الجدار على الحدود مع المكسيك ، واعادة التوتر في العلاقات مع ايران ، ووعده بنقل السفارة الأميركية الى القدس المحتلة ، وتصريحات وزير الدفاع الأميركي الأستفزازية في طوكيو حول جزر بحر الصين الشرقي ، والتصعيد العسكري المفاجيء للوضع في أوكرانيا ، بعدما ربط تحسين العلاقات والتعاون مع موسكو بالمسألة الأوكرانية .
 
الثابت أن الرئيس ترامب القادم الى البيت الأبيض من عالم التجارة والأستثمار، والربح والخسارة ، واثق بنفسه كثيرا ، بحيث لا يستطيع التمييز بين صلابة الأرادة والعناد وبين حكمة وقوة العقل ، كما انه يخلط بين ادارة الحكم في الولايات المتحدة وبين ادارة شركاته ، أو أنه لم يقرأ قول الفيلسوف بيرتراند راسل الذي قال أن :» مشكلة العالم هي أن المتعصبين المتشددين واثقون بانفسهم اشد الثقة دائما ، أما الحكماء فتملأهم الشكوك « ، أو أنه لم يقرأ عبارة تشرشل التي تقول : « امبراطوريات المستقبل هي امبراطوريات العقل «.
 
اللافت أن التظاهرات التي خرجت في المدن والمطارات الأميركية وفي المدن الأوروبية اتهمت الرئيس الأميركي بالتعصب والعنصرية ، ونحن نعرف أن الغضب والتعصب في مقدمة أعداء الفهم الصحيح . ويبدو أن التطورات المتلاحقة تقود الأدارة الأميركية الجديدة الى مواجهة مع القضاء ، حيث تصدى القضاة لقرارات الرئيس المتعلقة بحظر السفر ، وهي الحالة غير المسبوقة, التي اربكت البيت الأبيض وطرحت الكثير من الأسئلة حول الأنقسام في داخل الولايات المتحدة بسبب هذه القرارات المتسرعة .
 
قرأت أن الذي كتب قرار الحظر هو مستشارالرئيس ترامب السياسي ، وهو يميني متعصب اسمه ستيفن ميلر يبلغ من العمر 31 عاما فقط لاغير ، وهوالقرار الذي أدخل ادارة ترامب في دوامة داخلية وخارجية ، وأدخله في مواجهة ساخنة مع الأعلام الأميركي العالمي ، وربما السبب هو معاناة اليمين المتعصب من « ألأسلامفوبيا « ، وهي العقدة لتي دفعت بالكثيرين في الولايات المتحدة الى اللجوء لقراءة مؤلفات جلال الدين الرومي التي أصبحت الأكثر مبيعا في الولايات المتحدة ، ربما لتجاوز عقدة الخوف .
 
وجلال الدين الرومي عاش وترعرع وتنقل بين كل الدول التي تعاني من العنف والارهاب والتوتراليوم ، من أفغانستان الى العراق وسوريا وتركيا وايران . وكان الرومي صوفيا مؤمنا بتعاليم الأسلام السمحة ، وافكاره تحث على الخير والتسامح مع كل المعتقدات وتدعو الى المحبة, وكان اتباعه يعتبرون أن كل الأديان خيرة حقيقية بمفاهيمها ... وكان الشعر والموسيقى بالنسبة له رحلة روحية . اختتم بقوله الجميل حول ادب الحوار :» ارتق بمستوى حديثك لا بمستوى صوتك لأن المطر هو الذي ينمّي الأزهار لا الرعد «.