Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    19-Feb-2020

ماذا أصاب الإدارة العامة؟*جهاد المنسي

 الغد

عندما تضع الحكومة يافطة في شوارع عمان، وربما في شوارع محافظات أخرى، تتحدث فيها عن الواسطة، وتضع للمواطنين سؤالا استفهاميا تريد من خلاله – كما تقول الحكومة – تحريك المسكوت عنه في نفوس المواطنين وتحفيزهم، وتشعرهم بأنها لا تريد إنكار الواسطة والمحسوبية، وإنما تريد معالجتها.
بداية فإن الحكومة عليها أن تعي أنه لا يكفي أن تشعرنا بأنها تعرف بوجود الواسطة في حياة المواطنين، وانما يتعين عليها ان تبدأ بنفسها في محاربة الواسطة والمحسوبية في حياة الناس، وتعمل على اقرار قوانين وأنظمة من شأنها محاربة الواسطة والمحسوبية، وتبدأ بإعادة النظر بكل ما من شأنه التمييز بين المواطنين سواء في الحقوق او الواجبات، وان تفعل النصوص الدستورية التي تقول ان المواطنين أمام القانون سواء.
الواضح ان الحكومة وحتى الحكومات السابقة تعرف يقينا ان هناك خللا اصاب جهازنا الاداري، وأن الإدارة العامة لدينا باتت بحاجة لإنعاش حقيقي، ولذا عليها التوقف بقوة عند هذا الامر، وملاحظة الأسباب التي أدت إلى إصابة جهازنا الإداري بترهل بتنا نشعره يوميا، فباتت الادارة العامة تعاني بيروقراطية أكثر من السابق، وإذا على الحكومة تلمس الأسباب التي أدت لذلك، فوضع الرأس في الرمل لم يعد مجديا، وانما من شأنه زيادة الأمور تعقيدا، والترهل ترهلا.
يقينا ان الواسطة والمحسوبية أدت لترهلات مختلفة ليس في الجهاز الاداري فحسب، وانما في مفاصل كثيرة من مفاصل الدولة، فتغيرت طريقة التعيين، وطريقة الوصول للمناصب العليا، وطريقة القبول في الجامعات، وطريقة تعيين الاداريين وغيرهم، ولذا فإن الصمت الذي مارسته حكومات متعاقبة خلال سنوات مضت عن تغلغل الواسطة والمحسوبية في مجتمعنا كان سببا في تراجع جهازنا الاداري، وقدراتنا التعليمية، ومستوى خريجي جامعاتنا، فكل ذاك ساهم بقوة في الترهل الذي نلمسه اليوم في جهازنا الاداري الذي كان مضرب مثل عند دول الجوار.
عندما نسمع اليوم عن حجم العاملين في الجهاز الحكومي والترهل الذي يعانيه، ونرى ما تقوله الحكومة عن أسبابه ومبرراتها فإننا بالتأكيد لا نقف مؤيدين لها، وإنما ندعوها لإعادة النظر في الاسباب التي أدت لذلك، ومن أبرزها طريقة تعيين العاملين في الجهاز الحكومي، ومنح كل ذي حق حقه في التعيين، اذ لا يجوز ان يتم تعيين خريج جديد بعلامات متدنية والقفز عن خريج سابق بمعدل اعلى بحجج غير واقعية وغير منطقية ولا تستقيم في دولة نريدها دولة عدالة وتكافؤ فرص.
الحكومة التي زينت شوارع العاصمة بيافطاتها حول الواسطة والمحسوبية عليها الا تقف عند هذا الحد، وانما عليها الذهاب لأبعد من ذلك من خلال ثورة بيضاء في الجهاز الاداري كله، واعادة النظر يجب ان تقوم على اسس العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، وهذا يعني أن حكومتنا عليها إنهاء تقوقعها ووقف التفكير في ارضاء هذا او ذاك، وتوزيع العدالة على الجميع بشفافية.
إذا أرادت الحكومة محاربة المحسوبية والواسطة بشكل جدي عليها في المقام الاول اعادة النظر في طريقة قبول الجامعات، فالجامعات هي المخزون الحقيقي الذي يرفد جهازنا الاداري بالطاقات، اذ لا يجوز ان تكون نسبة القبول التنافسي أقل من 35 % فيما يوزع الباقي بعيدا عن التنافس الحر وتحت مسميات مختلفة، وعليها ان تبتعد عن النظر في تقسيمات الجغرافيا والمناطقية الضيقة في التعيينات والتعامل مع المواطنين كأسنان المشط، ولو أرادت الحكومة ايضا بالفعل محاربة الواسطة والمحسوبية عليها وضع المشكلة على طاولة البحث بشفافية ومناقشتها بعقل مفتوح وليس من خلال حلول ترقيعية وتصريحات إعلامية لا تغني ولا تسمن من جوع.