Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    13-Jun-2019

الأمن العام دروس الفروسية والوطنية والمهنية*ابراهيم عبدالمجيد القيسي

 الدستور-كم عدد الذين يكتفون بعناوين المقالات والأخبار كي يبنوا عليها انطباعات أزلية؟ والله العدد «مو قليل»، وهذه واحدة من سمات الناس حين يكونون في حالة «برطعة»، ويشعرون بالاسترخاء، ويعيشون حيواتهم بانتقائية غير مدروسة، بل مبنية على تجليات النفس المسترخية البعيدة عن كل أنواع القلق.. ولن نقول بأنها سمة قصور في العقول أو فصام في الاهتمام..

 
حين نكتب عن الـ»برطعة» الأمنية، التي نعيشها، فالحديث مبني على فكرة عميقة جدا، نعيشها حرفيا؛ ولا نتحدث عنها بسبب رفاهنا الأمني، لكننا نتحول الى محللين استراتيجيين وأمنيين حين نشعر بتراخي الأمن، أو حين يوجد ما يهدد مصالحنا وأملاكنا وأرواحنا، أو يهدد فرص نمو واستقرار أعمالنا، ونشهد مثل هذه الممارسات التي تصدر عن المجتمع في أحداث جرمية معينة، لا سيما حين يتوالى حدوثها وتشعرنا بالصدمة..
 
في شهر رمضان ثم العيد وما بعده حتى اليوم، شهدنا أحداثا، ووقعت جرائم كثيرة، وهي مألوفة ولم تتجاوز النسبة المعروفة والمتوقعة لحدوثها في المجتمع «الصائم»، وكان ملحوظا بوضوح أن أغلب هذه الجرائم حدثت في البيوت الواحدة أو الأحياء وأماكن العمل وبين أشخاص ينتمون الى هذه المواقع، وكان الغضب الناتج عن الجوع من بين أهم أسباب تفاقم مواقف أطراف هذه النزاعات العرضية الى حد ارتكاب الجريمة..فالموقف ليس بجديد، وهي أشياء تحدث موسميا بل يوميا وما زلنا نسمع عن جرائم عائلية، جنبنا الله وإياكم شرها.
 
إن أردنا التحدث بأمانة عن الجريمة وعن الاستقرار الأمني في بلاد تشهد أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية ويتعاظم فيها القلق على المستقبل، فالمتوقع أن تتناسب الجريمة وضياع الأمن طرديا مع مثل هذه الأزمات، أي أن الجريمة تزداد والأمن يضيع في حالات الغضب العام وعدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي وتعرض البلاد للمؤامرات الخارجية، ولا ينقذ المجتمعات من مغبة ضياع أمنها واستشراء الجريمة فيها الا الوعي وقيم الولاء للأوطان والثقافة الواسعة بالقوانين والأنظمة، إضافة الى وجود أجهزة أمنية أكثر اختصاصا ووعيا وخبرة وتمسكا بالقانون.. ونحمد الله أن السمتين موجودتان في الأردن، أعني وعي الشعب وارتفاع جاهزية ولياقة وجدارة أجهزتنا الأمنية، والتزام الجميع بالوطن، وهذه ليست مجاملات بل هي حقائق تتناقلها وسائل الاعلام الدولية المهنية منذ سنوات عن الأردن، بل إن بعض وسائل الاعلام المعادية تشهد بها في إطار استقصائها «الحاقد» في بحثها عن إجابة للسؤال الأمني : «لماذا صمد الأردن في وجه موجات الفوضى التي اجتاحت البلدان العربية؟!».
 
الذي دفعني لكتابة هذه المقالة هو الخبر الذي تناقلناه أمس، حول عملية نوعية لرجال البحث الجنائي حدثت منتصف ليلة أمس الأول، حيث تمكنت كوادر البحث الجنائي وبوقت قصير جدا من القبض على سارق 5 صيدليات، استخدم سلاحا وهدد العاملين بهذه الصيدليات وتمكن من السطو عليها، لكنه لم يتمكن من الهروب من قبضة العدالة، فهي محكمة وقوية ووطنية وخبيرة و»فنانة» في مطاردة الجناة وإحكام السيطرة عليهم دون خسائر ولا مظاهر عسكرية.. وعلى الرغم من أن مثل هذه المطاردات الأمنية تكون مكلفة حتى في الدول الديمقراطية والمتقدمة تكنولوجيا واقتصاديا وتحترم القانون، إلا أنها ليست كذلك في الأردن، بسبب مهارة وخبرة ووفاء والتزام منتسبي جهاز الأمن العام والروح الوطنية والأداء الديناميكي في إدارته.
 
المجرم «أبو الصيدليات» قام بجريمته المكررة خمس مرات في ليلة واحدة، عشية توجيهات ملكية للجهات المسؤولة بضرورة تخفيض اسعار الأدوية، وهذه مفارقة لا تتضمن طرفة أو تندّرا بقدر ما تشير الى الشر في نفوس بعض المنحرفين من البشر، فمثل هذا النموذج من الناس هكذا يستقبل مثل هذا الخبر، ففي الوقت الذي يقوم خلاله جلالة الملك بمحاولات للتخفيف عن الناس بتقليل كلفة علاج المرضى، يقوم شخص بالاعتداء على الصيدليات بهذه الطريقة، اعتقادا منه بأنه سيفلت بجريمته، لكنه؛ هو وغيره من المنحرفين عن السوية البشرية والوطنية، لا يعلم بأن في البلاد أمنا متأهبا على مدار الساعة، يحمي الناس وممتلكاتهم ويحقق أمنهم بطريقة تدفع حتى الحاقد أن يشهد لهم بالمهنية العالية وقبلها الصدق والوفاء والولاء لهذه الوطن ولقيادته ولشعبه ..
 
بوركت جهود النشامى وبورك الوطن وأبناؤه الطيبون.